Skip Ribbon Commands Skip to main content
Sign In
الثلاثاء,23 نيسان, 2024
الهيئة الوطنية لشؤون المرأة عقدت اللقاء التشاوري الوطني حول قضايا المرأة في قصر بعبدا.. بحضور الرئيس عون واللبنانية الاولى
الهيئة الوطنية لشؤون المرأة عقدت اللقاء التشاوري الوطني حول قضايا المرأة في قصر بعبدا.. بحضور الرئيس عون واللبنانية الاولى
07/03/2018

الرئيس عون للمرأة اللبنانية: خذي المبادرة وافرضي حضورك ولا تسمحي للمجتمع الذكوري أن يؤثر على تفكيرك
رئيس الجمهورية: لازالة الفوارق بين الرجل والمرأة وتعزيز المساواة على قاعدة الكفاءة والجدارة
الوزيرة عز الدين مشددة على اهمية  التحول الرقمي ومكافحة الفساد: لتشريعات تمنع التمييز ضد المرأة
كلودين عون روكز: لرؤية موحدة وعلاقة تكاملية بين الجهات الرسمية المعنية بحقوق المرأة وتغيير الذهنية السائدة في المجتمع
----------------------------------

دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المرأة اللبنانية الاّ تنتظر أن يتنازل لها الرجل عمّا يعتبره دوره وحقه، او أن يعطى دورها كمنحة أو هبة من خلال "كوتا" ما، بل ان تأخذ المبادرة وتعتلي المنابر. وتوجّه اليها بالقول: "افرضي حضورك وخوضي غمار السياسة من باب الفاعل لا المتلقي، وإن وجدت فيك مقومات القيادة أقدمي ولا تتردي. لا تسمحي للمجتمع الذكوري أن يؤثر على تفكيرك."


 وحيّا رئيس الجمهورية المرأة اللبنانية "الموجودة في ميادين العمل والإنتاج والتربية والفنون والقضاء والصحة والمهن الحرة"، لافتا الى انها "تحققّ الإنجازات على كل الصعد على الرَّغم من التحديات والصعوبات والعوائق"، مشددا على اهمية توحيد جهود ومطالب الجمعيات التي تعنى بالمرأة وبحقوقها "ففي وحدة الصوت قوة له، وبقوّته تزداد فعاليته".


 ورأى الرئيس عون ان المطلوب يُختصر بإزالة الفوارق القانونيّة والاجتماعيّة بين الرجل والمرأة، وتعزيز المساواة بالممارسة، على قاعدة الكفاءة والجدارة، مؤكدا ان "أول الطريق تبدأ بترسيخ القناعة في مجتمعنا وتربيتنا وثقافتنا بأنّ المرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات، وأن المرأة شريك أساس في بناء الوطن والمجتمع، وفي صنع القرار السياسي. بعدها تأتي المعالجة التشريعية في المجلس النيابي، لإقرار ما يلزم من القوانين التي تشكّل التطبيق العملي لمقولة التساوي في الحقوق والواجبات."


من جهتها، دعت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية الدكتورة عناية عز الدين الى وجوب الاستفادة من استراتيجيتي مكافحة الفساد والتحول الرقمي المرتبطتين بقضية المرأة، مشيرة الى ان الفساد "منظومة شرّ متكاملة تنتهك الكرامة الانسانية"، ومن شأن التحول الرقمي "أن يساهم في الانتقال نحو حكومة مفتوحة قوامها الشفافية بين الدولة والمواطن"، الأمر الذي "سيسمح لصاحبات الكفاءة بتبوؤ مواقع القرار الاداري"، آملة من  المجلس النيابي المقبل "ان يقر بنية تحتية تشريعية تنصف المرأة اللبنانية وتمنع اي شكل من اشكال التمييز ضدها،كما تضع حدا لتعرض النساء للعنف بكافة اشكاله".


اما رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيدة كلودين عون روكز، فعرضت لسلسلة من الحقوق لمّا تزل المرأة اللبنانية غير متمتعة بها في الحياة والسلامة الصحية، وتلك الهادفة الى تأمين حماية أكبر من العنف الجسدي والمعنوي، اضافة الى حماية الأطفال من الزواج المبكر، مشيرة الى ان المرأة اللبنانية غير قادرة على منح جنسيتها الى أولادها، وكاشفة انّه تم إدراج لبنان في أسفل المرتبات في العالم لجهة مشاركة النساء في القرار السياسي، حيث إحتل المرتبة 142 من أصل 144 دولة في إطار التقييم الدولي للتمكين السياسي للنساء. ودعت السيدة عون روكز الى البحث في السبل التي تؤدي الى تغيير الذهنية السائدة انطلاقا من رؤية موحدة وعلاقة تكاملية بين مختلف الجهات الرسمية المعنية بحقوق المرأة.


مواقف الرئيس عون  والوزيرة عز الدين والسيدة عون روكز جاءت خلال "اللقاء التشاوري الوطني حول قضايا المرأة" الذي انعقد قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري برعاية وحضور اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون وبدعوة من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وذلك لمناسبة "اليوم العالمي للمرأة" تحت عنوان "توحيد الرؤية وتنسيق الجهود".


الحضور
 وحضر اللقاء نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، وزراء العدل سليم جريصاتي، الثقافة غطاس خوري، الاقتصاد والتجارة رائد خوري، الشؤون الاجتماعية بيار ابي عاصي، ورئيسة لجنة المرأة والطفل البرلمانية النائبة جيلبيرت زوين وعضوا اللجنة النائبان نبيل نقولا وشانت جانجيان، النائبة بهية الحريري، نائبتا رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة ومستشارة  رئيس مجلس الوزراء لشؤون المرأة عبير شبارو، وفد مدير عام امن الدولة اللواء انطوان صليبا، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، مدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، مدراء عامون،  من قوى الامن الداخلي برئاسة العميد جوزف مسلم، اعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وعدد من السيدات نقاط الارتكاز الجندري في الوزارات.


الوقائع
 افتتح اللقاء بالنشيد الوطني، ثم كانت كلمة لمديرة مكتب اللبنانية الاولى السيدة ميشال فنيانوس رحبت فيها بالحضور واكدت ان يوم المرأة العالمي هو مناسبة سنوية تحمل بعدا سياسيا تؤكد عليه نضالات النساء حول العالم على كافة الاصعدة، وفي لبنان بشكل خاص لتحقيق المساواة امام القانون لا سيما في مجال نقل الجنسية للزوج والاولاد والاحوال الشخصية ولتوفير فرص متكافئة بينها وبين الرجل للحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية.


كلمة الوزيرة عزالدين
 وبعد عرض فيلم وثائقي قصير اعدته الهيئة  الوطنية لشؤون المرأة  اللبنانية بعنوان "العدالة حقك.. والشراكة دورك" من اخراج خليل زعرور حول القضايا التي تواجهها النساء في لبنان وذلك تحت خمسة عناوين هي:  "من حقك تعيشي طفولتك"،  " من حقك تقرري"، "من حقك تعطي الجنسية لولادك"، "من حقك ترفضي العنف" و"من حقك تشاركي في الحياة السياسية"،  القت الوزيرة عز الدين كلمة هنا نصها:


" اسمحوا لي بداية ان اعبر عن مدى اعتزازي بان اكون معكم هنا في يوم المرأة العالمي وهو اليوم الذي يختصر تاريخاً طويلاً ومكثفاً لنضال المرأة من اجل عدالة اكثر وصولا لتناصف الكوكب بحلول العام 2030 كما حددت الامم المتحدة في العام 2016 ووصولا الى مجتمع يتسنى فيه للنساء والرجال العمل معا وفق مقتضيات العدالة الانسانية.  شعار هذا العام هو: حان الوقت: الناشطات في الريف والحضر يغيرن حياة المرأة.


والحق يقال، اننا في لبنان معنيون بقضية المرأة وانه حان الوقت، من اجل ان تتحول قضايا المرأة الى قضايا تهم المجتمع ككل والى مسألة توازن مجتمعي.


حان الوقت، للانطلاق في قضايا المرأة من مبدأ حق المجتمعات في التنمية، هذا الحق الذي لا يمكن ان نبلغه  وان يؤدي اهدافه الا من خلال توسيع الفرص والخيارات امام النساء. وبالتالي، فإن مشاركتهنّ  في كافة المجالات تتحول الى محرك وقوة دفع لتطور المجتمعات ونهوضها.


هذه المفاهيم بدأت تلقى قبولا وتجاوباً واسعاً وكبيراً في مختلف انحاء العالم بما فيه منطقتنا العربية. ولبنان الذي كان سباقاً في الماضي في هذا المجال اصبح اليوم متأخرا بشكل لافت وكبير. من هنا ضرورة التحرك السريع حتى لا نبدو بعد فترة غير قصيرة ليس فقط  في ركب المتخلفين انما في موقع غير القادر على اللحاق بالتطورات.


كما تعلمون فإن العمل في هذا المجال يجب ان ينطلق من مبدأ الشراكة الذي تحث عليه كافة المؤتمرات العالمية للأمم المتحدة والتي تؤكد على ضرورة ارساء وتعزيز الشراكة بين المنظمات الحكومية والجهات الفاعلة ذات الصلة بالمجتمع المدني بما فيها المنظمات غير الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والنقابات والمنظمات النسائية وذلك للنهوض بأوضاع المرأة. وهذا ما تقوم به مشكورة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية التي تسعى لتوحيد الرؤية وتنسيق الجهود من اجل توفير الوقت وتقليص الكلفة.


في سياق هذه الشراكة، كانت ضرورة العمل من اجل الاستفادة من مشروعين مهمين نعمل عليهما في وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية وهما استراتيجيتي مكافحة الفساد والتحول الرقمي وهما مشروعان تربطهما مساحة مشتركة بقضية المرأة.


هذه العناوين الثلاثة تتبوأ صدارة الاهتمام على الاجندة الاقليمية والدولية وهذه العناوين جزء لا يتجزأ من اجندة التنمية العالمية. فالهدف السادس عشر من اهداف التنمية البشرية يركز على العلاقة بين مكافحة الفساد والتنمية في العالم. والهدف الخامس يركز على المساواة بين الجنسين، والرابع خاص بضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع، والعاشر يشير الى الحد من اوجه عدم المساواة. وكما جاء في احدى مقدمات  تقرير التنمية البشرية،  فان الوقت قد حان لبناء شراكة جديدة بين التكنولوجيا والتنمية.


ان اظهار العلاقة الوثيقة بين مكافحة الفساد وتمكين المرأة لا يخفى على احد. كلنا يدرك التداعيات الخطيرة للفساد على التنمية  في مختلف أشكالها وبالتالي على أمن العالم واستقراره.


فالفساد هدر لمقدّرات الشعوب وسرقة وقحة للمال العام، ولكنّه أيضًا أكثر من ذلك، فهو منظومة شرّ متكاملة، منظومة تنتهك الكرامة الانسانية، وتحوّل الديمقراطية الى دمية بيد أصحاب الثروة، وتتعمّق الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الناس في زمن تعزّ فيه الموارد، ما يلحق الضرر بالفئات المهمشة وبالأخص المرأة. ان لبنان يعاني من كل هذه الظواهر للاسف ومكافحة هذا الواقع ستؤدي بلا ادنى شك الى تحسين اوضاع النساء وستخلق مجتمعاً متوازنا ونساء متمكنات وستخفف من ظواهر التمييز ضد المراة والانتهاكات والعنف الذي تعاني منه.


اما في موضوع التحول الرقمي، فنحن نتطلع لأن يُحدث قفزة نوعية في تفعيل الادارة العامة في لبنان، والحد من ممارسات الفساد في داخلها، وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها هذه الادارة الى القطاع الخاص والمستثمرين والناس عموما. من المفيد الاشارة هنا الى بعض المعطيات المشجعة في هذا المجال التي وردت في تقرير اليونيسكو للعلوم نحو عام 2030. يتحدث التقرير عن ميل ملحوظ في الدول العربية لمنح تركيز أقوى على مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار في المستقبل، وإن العلوم والبحوث من المجالات التي تشهد في البلدان العربية مساواة أكبر بين الجنسين مقارنة بأوروبا مثلاً، حيث أن النساء يشكلن في هذا المجال 43% في مصر، وفي عشرة بلدان عربية تشكل النساء بين 34% و 57% من حاملي الشهادات العليا في مجالات العلوم والهندسة والزراعة، ما يعد نسبة مرتفعة نوعاً ما. كما أود أن أشير الى أن اتاحة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عدد من الدول ساهمت ايجاباً في مشاركة النساء في الحركة الاقتصادية الانتاجية، والحدّ من الفقر، وزيادة التحاق الاطفال بمن فيهم الفتيات بالتعليم، وخلق دورة حميدة على صعد عدة. هذا المشروع الوطني الكبير سيخلق البنى التحتية والقانونية اللازمة للانتقال نحو حكومة مفتوحة قوامها الشفافية بين الدولة والمواطن.


وعندما تتأمن ظروف الشفافية واستعادة الثقة بين المواطن والدولة، فهذا سينعكس تلقائيا على اوضاع النساء في الادارة العامة ويسمح لصاحبات الكفاءة بتبوؤ مواقع القرار الاداري.


هذان المشروعان عملنا عليهما وفق منهجية الشراكة التي اشرت اليها في سياق هذه الكلمة. وقد قمنا بلقاءات مع مختلف الاطراف ذات الصلة وحرصنا على ان نخصص لقاءات للجهات ذات الصلة بالمرأة. وخلال هذا الاسبوع، سنتوج المسار التحضيري لاطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي بلقاء مع المنظمات النسائية وذلك للاستماع الى آرائهم واقتراحاتهم حول كيفية الربط المباشر بين المشروعين وتمكين المرأة، وذلك لفتح مسار يسمح بدمج النساء في اطار الاستراتيجيتين .هكذا يتبين ان ثمة خيطا جامعا لقضية المرأة ومكافحة الفساد والتكنولوجيا والتنمية البشرية.


ايها الحضور الكريم،
لا يخفى عليكم أنّ تمكين المرأة عمليةٌ معقدةٌ وطويلةٌ، ونجاحَها يقترنُ بوجودِ ارادةٍ سياسيةٍ قويةٍ وواعيةٍ، واعتقد ان هذه الإرادةُ تتبلور في لبنان مؤخرًا بشكلٍ أكثر وضوحاً. هذه القضية محلّ اجماعٍ وقد عبر فخامةُ رئيسِ الجمهورية ودولةُ رئيسِ مجلس النواب ودولةُ رئيسِ مجلس الوزراء في أكثر من مناسبة عن التزامهم هذه القضية. الا ان النوايا وحدها لا تكفي.


واعتقد ان الانتخابات الحالية  تشكل فرصة حقيقية سواء لايصال نساء الى مواقع القرار السياسي، او لدفع المرشحين لاخذ قضايا النساء بعين الاعتبار والتوقف عن تهميشهن. كما يجب الدفع بجدية ليكون المجلس النيابي المقبل هو الذي يقر بنية تحتية تشريعية تنصف المرأة اللبنانية وتمنع اي شكل من اشكال التمييز ضدها، كما تضع حدا لتعرض النساء للعنف بكافة اشكاله المادية والرمزية. لانه من العار على لبنان واللبنانيين ان يستمر مسلسل انتهاك حقوق المرأة وكرامتها .


اضافة الى الورشة القانونية هذه، لا بد من النضال من اجل ادماج مفاهيم مناهضة ورفض كافة اشكال التمييز ضد النساء في المناهج التربوية  والمؤسسات الاعلامية.


طبعا قد يكون الوصول الى نهوض فعلي وكامل  باوضاع المرأة اللبنانية غير مكتمل الشروط اليوم. وعليه وجب مرحلياً العمل على تحقيق جزء من هذه الرؤية، وذلك ضمن خريطة طريق واضحة المعالم ومحددة الاهداف .


ايها الحضور الكريم، ان لقاءنا اليوم خطوة في الاتجاه الصحيح. خطوة في مسار تاريخي ثابت مفاده ان المرأة تؤثر بشكل كبير على التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكافة المجتمعات وهي جزء لا يتجزأ من عملية البناء والتنمية المستدامة. مرة جديدة، كل الشكر وتمنياتي لكم بالنجاح والتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته" .


كلمة السيدة عون روكز
 ثم القت السيدة عون روكز الكلمة الاتية:


"بداية، أوّد أن أتوجه بالشكر الى فخامة الرئيس واللّبنانية الأولى لفتح أبواب القصر الجمهوري لقضية المرأة، ولاستضافة، كما لرعاية، هذا اللقاء.


وأود أيضاً باسم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، أن أرحب بكم وأغتنم مناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة هذه السنة، كي أدعوكم فردًا فردًا الى وقفةً مع الذات، مع أنفسنا، لنقيَّم معًا، كلٌّ منا، إنطلاقًا من مسؤولياته الوطنية والسياسية والإدارية، ماذا فعلنا ونفعل من أجل نساء وفتيات لبنان؟


من اللافت في مكانٍ ما، أننا أردنا أن يكون هذا الإجتماع اليوم داخليًا وطنيًا بإمتياز. أردناه إجتماعًا بين اللبنانيين، من دون أن تشاركنا فيه هيئات المنظمات الدولية أو الإقليمية أو السفارات أو الوكالات الأجنبية أو أي جهة أخرى مانحة، وذلك ليس إنتقاصًا من دور هذه المنظمات والهيئات الأجنبية التي نقدّر ونثمّن جهودها في مساعدة المرأة اللبنانية وتمكينها، بل لأن الهيئة الوطنية تعتبر أن تحقيق مبدأ المساواة بين المرأة والرجل والقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها في لبنان هو بالدرجة الأولى من مسؤولية الدولة اللبنانية ومؤسساتها وإداراتها الرسمية.


أتطلع معكم، سيداتي وسادتي، الى أن يكون إجتماعنا اليوم، إجتماع صدقٍ وتصميمٍ وإرادة، حيث لا نرفع فيه شعارات زائفة ولا نردد فيه كلاماً معسولاً عن "امرأة"، نظريا، ننعتها بأجمل الصفات فيما نتعامى عن رؤية ما تواجهه نساء بلادي من صعوبات تمنعها أن تُعامل كمواطنة على قدم المساواة مع زوجها أو إبنها أو شقيقها.


ونبدأ هنا بما هو بديهي، ألا وهو الحق في الحياة والسلامة الصحية.


أين نحن من ضمان هذا الحق الطبيعي والأساسي للنساء؟


نرى أنه بعد جهود إستمرت لعشرات السنوات، إستطاعت جمعيات المجتمع المدني، التي تشاركنا إجتماعنا اليوم والتي كان لها فضل كبير في الدفع قدمًا نحو مسيرة حماية حقوق النساء من الإنتهاكات، أن تقنع المشرَّع في العام 2011 بإلغاء العذر المخفف لجرائم قتل النساء، وإقرار قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في العام 2014 بعد أن توالت جرائم ارتكبت بحق نساء تعرضن للعنف.


وللأسف، لم يمنع هذا القانون استمرار وتيرة حوادث العنف القاتلة للنساء.


ألا يكفي أن تُقتل رولا يعقوب وفاطمة بكور ورقية منذر ونسرين روحانا ومنال العاصي وسارة الأمين لكي نتخذ كافة الإجراءات اللازمة من أجل إقرار التعديلات القانونية المقترحة لتأمين حماية أكبر للنساء والفتيات في لبنان من العنف الجسدي والمعنوي؟

كيف لنا أن نقبل، مع إقرارنا بالخطوة الإيجابية للمشرع بإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات، أن يفلت من يقيم علاقة جنسية مع قاصرة بلغت سن الخامسة عشر من عمرها، من العقاب، في حال تزوّج منها؟ ألا يعتبر تزويج القاصرة في هذه الحالة وإعفاء زوجها من العقاب، جريمة ثانية بحقها بعدما أن تم إغتصابها بالعنف أو بالحيلة؟


ألا يهز ضمائرنا أن نسمع خبر طفلة لم تبلغ الثانية عشرة من عمرها تخضع لعملية تزويجٍ مخطط له من قبل أهلها، في ظل غياب قانون يحميها من خطر الزواج المبكر على صحتها الجسدية والنفسية؟
تعالوا نتساءل معًا لماذا يلقى قانون حماية الأطفال من الزواج المبكر قبل الثامنة عشرة من عمرهم هذه الصعوبات لإقراره؟


سيداتي سادتي،
لا تزال المرأة اللبنانية غير قادرة على منح جنسيتها الى أولادها. ألا تشكل هذه الحقيقة صدمة لكم، على الرغم من أن الدستور اللبناني يكرّس مبدأ المساواة بين جميع المواطنين من دون أي تمايز؟.

هذا حق طبيعي ومطلق تتمتع به اللبنانيات إسوةً باللبناني، الرجل، ومن حقِّهن أن ينقلنَّ جنسيتهن إلى اولادِهنَّ.


تعالوا نفكر في إعتماد قواعد واضحة تقر للبنانيات هذا الحق، وتراعي بين مخاوف البعض وهواجسهم ووجوب ألا تكون سياسة الدولة تمييزية تجاه مواطنيها.


أيها الحضور الكريم،
تم إدراج لبنان في أسفل المرتبات في العالم لجهة مشاركة النساء في القرار السياسي، فقد إحتل المرتبة 142 من أصل 144 دولة في إطار التقييم الدولي للتمكين السياسي للنساء.


إن نسبة الترشح النسائي للانتخابات البرلمانية الآتية ارتفعت الى ١١٪ لكنّها لا تبشر بالتغيِّير الذي ننشده. ولا تبحثوا عن سبب ذلك في نقصٍ أهلية النساء، ذلك لأن السبب معروف ويكمن في الصورة النمطية للمرأة في مجتمعنا والدور التقليدي الممنوح للرجل في ميدان العمل السياسي.


لذلك، نحن مدعوون اليوم للبحث في السبل التي تؤدي الى تغيير الذهنية السائدة في المجتمع، والوسائل التي من شأنها أن تدفعنا الى تخطي المعتقدات الثقافية الخاطئة المتوارثة.


مما لا شك فيه، أنكم تعلمون أنه بالنسبة إلى التمثيل البرلماني، لا بد للدولة في مرحلةٍ أولية، أن تساعد المجتمع على تغيير أنماط ممارساته السياسية التي باتت غير متناسبة مع متطلبات التمثيل الديموقراطي الصحيح. ومن أهم وسائل هذه المساعدة: اعتماد قانون انتخابي يحفظ للنساء حدًا أدنى من عدد المقاعد النيابية، أي اعتماد الكوتا النسائية، وإعتماد منهاج تربوي جديد ومعاصر يؤدي الى تنشئة أطفال لبنان على مبادئ المساواة وتمكين الفتيات من ممارسة دورهن في المجتمع من دون أي تمييز ضدهن.


أخيرًا، لا يمكنني أن أنسى المرأة اللبنانية العاملة التي لا تزال اليوم تعاني من عدم المساواة مع الرجل العامل لجهة تمتعها بالحقوق المكرسة في قانوني العمل والضمان الإجتماعي.

 

كما أنه لا يمكنني أن أنسى العاملات المهاجرات واللاجئات في بلادي، لأؤكد أنه لا يمكن للدولة أن تتجاهل حقوقهن وتغفل عن حمايتهن من أي إستغلال.


السيدات والسادة،
نعلم جميعًا أن هدف ضمان حقوق المرأة في المجتمع وتعزيزها هو من الأهداف ا��تي لا يعترض عليها أحد. ولكننا نعلم أيضاً أن معالجة هذا الموضوع يجب أن تنطلق من رؤية موحدة. وهذا بالتحديد هدف إجتماعنا اليوم :
- أولاً : توحيد الرؤية.

- ثانيًا : تنسيق الجهود.
فمن خلال عملنا في الهيئة الوطنية، وجدنا أنه لا يمكن مساعدة المرأة في لبنان وتمكينها  من ضمان حقوقها وحمايتها إلا من خلال توحيد الرؤية لكي نتمكن فيما بعد من تنسيق الجهود، وذلك بعدما أدركنا تعدد الجهات الرسمية المعنية بحماية حقوق المرأة وضمان إحترامها، بدءًا من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية التي تأسست العام 1998 مرورًا بوزارة الدولة لشؤون المرأة اللبنانية ووزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان (حيث حقوق المرأة هي جزء لا يمكن إغفاله من منظومة حقوق الإنسان) وبلجنة المرأة والطفل في المجلس النيابي، هذا فضلاً عن الدور الذي تلعبه رئاسة مجلس الوزراء ومختلف الوزارات المعنية.


وقد أظهرت التجربة العملية أن تعدد الجهات الرسمية المعنية بحقوق المرأة هو دليل صحي يعكس واقعًا لبنانيًا حمائيّاً لحقوق الإنسان، إلا أن هذا التعدد أدى ويؤدي في العديد من المجالات الى التضارب في الصلاحيات وتبعثرها ما يؤثر سلبًاعلى واقع المرأة وحقوقها.
من هنا، كانت الدعوة لكم اليوم لتوحيد الرؤية في إطار علاقة تكاملية بين مختلف الجهات الرسمية وتنسيق الجهود وتعزيز التعاون من أجل تأمين حماية أفضل لحقوق النساء والفتيات في لبنان. وذلك كله بعد الأخذ بعين الإعتبار مبادئ الحوكمة الصالحة أو الحكم الرشيد.
فالرؤية يجب أن تكون واضحةً وكذلك المهام التي تُسنَدُ إلى المؤسسات التي تُعنى بهذا الموضوع، ولا يجوز في موضوع المرأة كما في المواضيع الأخرى كافةً التي تتناولها أجهزة الدولة أن يحصل تضاربٌ في الصلاحيات أو في تنفيذ البرامج.
أشكر لكم حضوركم، وآمل أن نكون قادرين معاً على أن نحيي يوما عالميا للمرأة في العام المقبل بإنجازات تُفرح قلوبَكم وقلوبَنا.


كلمة الرئيس عون
 ثم القى الرئيس عون الكلمة التالية:


"أهلاً بكم في القصر الجمهوري، بيت الشعب، الذي أردناه أن يكون مفتوحاً أمام كل صوت محق وقضية عادلة وإنسان يتألم.


غداً هو اليوم العالمي للمرأة، وفي هذا اليوم يسيل الحبر سخياً مقالات وكلمات، وتزدحم المنابر بالخطباء والمتكلمين، دفاعاً عن حقوق المرأة، ودعماً للمساواة مع الرجل.


ولكن، ماذا عن الثلاث مئة والأربعة وستين يوماً الباقين من السنة؟ أين هي المرأة فيها وأين حقوقها؟


بين ضياع الحقوق واستعادتها اثنان معنيان، الرجل والمرأة، ثم القوانين التي تربط بينهما.


إن مجتمعاتنا هي ذكورية بامتياز، تبدأ منذ الولادة حيث ينتظر الجميع ولادة الصبي، وحيث يكنّى الأب والأم باسم الصبي ولو كان أصغر أولادهما، (بو يوسف وإم يوسف)، ما يرسّخ في اللاوعي الجماعي فكرة أن المرأة هي في الدرجة الثانية، ومن هنا يبدأ التمييز والاجحاف. زد على ذلك أن التبعية الاقتصادية التي كانت سائدة في العصور الماضية ولّدت تبعية اجتماعية استمرت خلال الزمن وإن بتفاوت، وساهمت في تثبيت المجتمع الذكوري، حتى بعد أن دخلت المرأة ميدان الانتاج.


في سوق العمل، الإدارة غالباً للرجل، والوظائف الأساسية في معظمها له، (باستثناء دوائر الدولة) بينما في الفعالية والانتاج نجدهما متكافئين، لا بل نجد المرأة في أحيان كثيرة تتفوق على الرجل خصوصاً لما تتميّز به من صبر ومثابرة والتزام، وسلاسة في التعاطي مع الآخرين.


في السياسة، الدور الأساسي والقيادي للرجل، هو رئيس الحزب، هو النائب، هو الوزير... ولو حصل بعض الاستثناءات.


في القوانين المدنية لا يزال هناك عدم مساواة في البعض منها على الرغم من أن الدستور اللبناني لا يحمل أي تمييز بين المرأة والرجل. أما في قوانين الأحوال الشخصية، فالإجحاف بحق المرأة واضح، وإن على درجات، ويختلف من طائفة الى اخرى.


الحقوق الغائبة والقوانين المجحفة، للأسف، لا تزال موجودة ولن أعدّدها اليوم، فكلكّم تعرفونها، منها ما يتسبّب به التشريع والقوانين، وبخاصة قوانين الأحوال الشخصية، ومنها ما تغطيه رواسب تقاليد وأعراف وثقافة وتربية. أما المطلوب، فيختصر بإزالة الفوارق القانونيّة والاجتماعيّة بين الرجل والمرأة، وتعزيز المساواة بالممارسة، على قاعدة الكفاءة والجدارة.


وأول الطريق تبدأ بترسيخ القناعة في مجتمعنا وتربيتنا وثقافتنا بأنّ المرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات، وأن المرأة شريك أساس في بناء الوطن والمجتمع، وفي صنع القرار السياسي.


بعدها تأتي المعالجة التشريعية في المجلس النيابي، لإقرار ما يلزم من القوانين التي تشكّل التطبيق العملي لمقولة التساوي في الحقوق والواجبات. وهنا لا بد من تضافر كل الإرادات حتى لا توضع العراقيل وتضيع القوانين.


ويبقى الأهم وهو دور المرأة نفسها، ولها أقول: يعلّمنا التاريخ وتطور المجتمعات أن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، فاسعي وراء كل ما تعتبرينه حقاً لك، وخصوصاً في العمل السياسي. لا تنتظري أن يتنازل لك الرجل عما يعتبره دوره وحقه، لا تنتظري أن يعطى دورك كمنحة أو هبة من خلال "كوتا" ما، خذي المبادرة واعتلي المنابر، افرضي حضورك وخوضي غمار السياسة من باب الفاعل لا المتلقي، وإن وجدت فيك مقومات القيادة أقدمي ولا تتردي. لا تسمحي للمجتمع الذكوري أن يؤثر على تفكيرك. وأقول ذلك لأن الإحصاءات الانتخابية مؤخراً أظهرت أن المرأة نادراً ما تعطي صوتها لامرأة.


ونصيحتي للجمعيات التي تعنى بالمرأة وبحقوقها: وحدّوا جهودكم ووحّدوا مطالباتكم. اجعلوا من صوت المرأة واحداً؛ ففي وحدة الصوت قوة له، وبقوّته تزداد فعاليته.
كلمة أخيرة الى كل الأطراف السياسية، الى كل رؤساء الطوائف والمذاهب، الى الرجل، الى كل من هو معني بالتربية المجتمعية والدينية، والى كل من يناط به إقرار القوانين...
لا تزال هناك قوانين في تشريعنا تجاه المرأة تشكل نقطة مسيئة لحضارتنا وثقافتنا، لبيروت أم الشرائع ولأول مدرسة حقوقية في العالم، ولكنها قبل كل ذلك تشكل نقطة مسيئة لضمائرنا ومشاعرنا، وقد آن الأوان لتعديلها.


وأذكّركم أنه بينما نحن اليوم، نعقد المؤتمرات واللقاءات ونبحث في تعديل القوانين ونناقش الحقوق، فإن المرأة اللبنانية موجودة في ميادين العمل والإنتاج والتربية والفنون والقضاء والصحة والمهن الحرة، تحققّ الإنجازات على كل الصعد على الرَّغم من التحديات والصعوبات والعوائق.
أيها الحضور الكريم، ومن خلالكم أتوجه الى كل مجتمعنا.


إن المرأة هي الأم والشقيقة والزوجة والابنة والصديقة، ولا أخال أحداً منكم، وفي أي من هذه الحالات، قادر على انتقاص حقٍ من حقوقها أو تمييز نفسه عنها أو الإساءة إليها.


أهلاً بكم مجدداً، وأتمنى لكم التوفيق في جهودكم، ولكم منا كل الدعم والمساندة".


جلسات عمل مغلقة
 وبعد حفل كوكتيل اقيم للمناسبة، تحول اللقاء الى جلسة عمل مغلقة بعنوان: "الاستراتيجيات والقوانين والبرامج المتعلقة بالمرأة في القطاع العام: الازدواجية وغياب التنسيق" حيث توزع المشاركون من مدراء عامين في الوزارات والادارات العامة واعضاء شبكة النوع الاجتماعي المنتدبين من قبل الوزارات والادارات الرسمية واعضاء وفريق عمل الهيئة الوطنية الى مجموعات لبحث اليات التنسيق والاطر العلمية  لتوحيد المقاربات الاستراتيجية والقانونية.


النقاط المشتركة:
 وخلص اللقاء الى تحديد النقاط المشتركة بين مجموعات العمل المختلفة والتي كانت على الشكل التالي:
- عقد اجتماعات ولقاءات دورية تشاورية بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة وكل الجهات المعنية بقضاياها في القطاع الرسمي  والاهلي والدولي.
- ضرورة تفعيل دور وعمل ضباط الارتكاز الجندري – منسقات النوع الاجتماعي وتعزيز موقعهن في الادارات الرسمية والمؤسسات العامة.
- تكثيف تبادل المعلومات بشكل دوري حول اي تقدم منجز على المستوى الاستراتيجي والقانوني والبرامجي.
- تفعيل العمل الوزاري المشترك وتوطيد العلاقة بين الجهات المعنية بقضايا المرأة ومجلس النواب ان لناحية اللجان النيابية او الكتل السياسية.
- اعتماد سياسة التشاور العام بين كل المعنيين بقضايا المرأة في القطاعين العام والخاص والمجتمعين الاهلي والدولي لدى البدء بالتخطيط لاي مبادرة او وضع سياسة او استراتيجية او حتى برنامج وطني ومشروع- اقتراح قانون.
- توزيع الادوار بين الجهات الرسمية بحسب المهام والصلاحيات وتشكيل لجان مشتركة لتفعيل التنسيق في ما بينها.