Skip Ribbon Commands Skip to main content
Sign In
الخميس,28 آذار, 2024
رئيس الجمهورية خلال افتتاحه الدورة الوزارية الثلاثين للاسكوا في بيروت: لا شيء ينقص لبنان لكي يحقّق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصاديات المنطقة.. الرئيس عون: مصمّمون على مجابهة الأزمات المتراكمة المستمرة منذ نصف قرن
رئيس الجمهورية خلال افتتاحه الدورة الوزارية الثلاثين للاسكوا في بيروت: لا شيء ينقص لبنان لكي يحقّق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصاديات المنطقة.. الرئيس عون: مصمّمون على مجابهة الأزمات المتراكمة المستمرة منذ نصف قرن
27/06/2018

رئيس الجمهورية: لإيجاد الحلول الضرورية لازمة النازحين ونأمل من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا واياهم على العودة إلى ديارهم
الرئيس عون: حانت ساعة الحساب مع الفساد ولا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة عن طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدّي على حقوق الدولة
أبو ضرغم لرئيس الجمهورية: أنتم الملهم الاكبر لفكرة المواطن الاممي الذي يحلم بمستقبل يسوده السلام للانسانية جمعاء
الحمادي: تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة يتطلب تعزيز تعاون دولي فعال وشراكات حقيقية
ابو الغيط : جامعة الدول العربية قدمت مقترحا لانشاء الشبكة العربية للعلوم والتكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة
الحكيم: الامم المتحدة تدعو الى تبني التكنولوجيا والابتكار في خدمة التنمية البشرية
الراجحي: قدرة البلدان العربية على تحقيق التنمية المستدامة مرتبطة بقدرتها على تطوير التكنولوجيات الواعدة
------


اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التقاء ممثلين عن دول اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)،  ونخبة من كبار المسؤولين والأكاديميين والمختصّين في بيروت، من اجل تنمية مستدامة وشاملة للوطن العربي، تأتي في وقت تتضافر فيه قوى الشرّ لكي تمزّق بلداننا العربية، وتخيّر نسبة كبيرة من مواطنيها بين الموت أو حياة البؤس في مخيّمات النزوح.


 وقال الرئيس عون اننا في لبنان "نعيش تحدّيات مشابهة تماما لتحدّيات التنمية المستدامة، من حيث ضرورة معالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلّبات المستقبل. فنحن مصمّمون على مجابهة الأزمات المتراكمة التي بدأت بالظهور قبل نصف قرن من الزمن واستمرّت على مدى سنوات وعقود"، فانعكست في الهوّة المزمنة بين إيرادات الدولة ونفقاتها وتنامي الدين العام بشكل ينوء تحته الاقتصاد الوطني، معتبراً ان لا شيء ينقص لبنان لكي يحقّق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصاديات المنطقة، وكذلك اقتصاديات الدول الناشئة.


واكد "ان ساعة الحساب مع الفساد قد حانت، فلا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة عن طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدّي على حقوق الدولة."


 وشدد الرئيس عون على الحرص على "إيجاد الحلول الضرورية لازمة النازحين، آملين من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، ومساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن".
 مواقف الرئيس عون اتت خلال افتتاحه الدورة الوزارية الثلاثين للاسكوا التي انعقدت قبل ظهر اليوم في مقر الاسكوا في بيروت وتستمر أعمالها ليومين، بحضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للاسكوا الدكتور محمد علي الحكيم، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وعدد من الوزراء العرب وسفراء الدول الأجنبية وسفراء الدول الأعضاء في الاسكوا.


نبيل ابو ضرغم
بعد وصول الرئيس عون إلى قاعة الاجتماعات في الاسكوا، وعزف النشيد الوطني اللبناني ونشيد الاسكوا من قبل موسيقى قوى الأمن الداخلي، بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة للمسؤول الاعلامي في الاسكوا نبيل ابو ضرغم، هنا نصها:
" فخامة الرئيس، اليوم دخلتم مقر الاسكوا لاول مرة فاستقبلكم اهلها بشغف كير تحية لنضالكم في سنوات صعاب تمسكتم خلالها بميثاق الامم المتحدة وبالاعلان العالمي لحقوق الانسان وبفكرة الامم المتحدة فغدوتم الملهم الاكبر لفكرة المواطن الاممي الذي يحلم بمستقبل يسوده السلام للانسانية جمعاء، وغدوتم الصوت الاعلى الذي يذكر اللبنانيين والعالم بدور لبنان التاريخي في وضع ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان.
فخامة الرئيس، تزورون مقر الاسكوا اليوم وتتزامن مع زيارتكم عودة الدورة الوزارية بعد ان تغربت عن دولة المقر لفترتين متتاليتين. قرار اتخذه معالي الدكتور محمد علي الحكيم، وكيل الامين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للاسكوا، باستعادة مؤتمراتها الى بيروت لان هذه المدينة، على حد تعبيره، هي الحاضنة الفكرية والثقافية المثلى التي تتفاعل فيها الاسكوا مع نفسها ومع العالم العربي والعالم.
فأهلا وسهلا بكم، فخامة الرئيس
واهلا وسهلا بضيوفنا الكرام،
لقد دخلتم هذا المكان فزادت في ظل وهجكم المكانة".
أحمد الحمادي
وألقى بعدها أمين عام وزارة خارجية دولة قطر الدكتور أحمد بن حسن الحمادي، كلمة بلاده بصفتها الدولة التي ترأست الدورة الوزارية التاسعة والعشرين للاسكوا. وهنا نص الكلمة:
" يطيب لي في البدء أن أتوجه بالشكر الجزيل لجمهورية لبنان الشقيقة على استضافتها لنا في اجتماعات الدورة الوزارية (30) للإسكوا، وللجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) لقيامها على التنظيم والترتيب لهذا الملتقى الهام، وعلى الدعوة الكريمة للحضور والمشاركة فيه. كما يطيب لي أن أتقدم بالشكر والتقدير لسعادة الدكتور محمد على الحكيم، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، الأمين التنفيذي للإسكوا، على الجهود التي يبذلها لتطوير مجالات عمل الإسكوا للنهوض بالمنطقة.


إن عالمنا اليوم، وخاصة منطقتنا العربية، تمر بمرحلة بالغة الخطورة والتعقيد، من حيث التحديات الكبرى والقضايا الملحة التي تتجسد في معاناة الشعوب، وتمثل هاجساً مستمراً للحكام والمسؤولين. و تتمثل هذه التحديات والقضايا في الحروب والنزاعات، والنزوح والهجرات، والأزمات المفتعلة، والتقلبات الاقتصادية، وغيرها من مهددات الأمن والسلم الدوليين، والتي تؤثر سلباً علي الجهود الإقليمية والعالمية المبذولة من أجل تنفيذ الأهداف العالمية للتنمية المستدامة2030، ومن أجل ذلك، فقد أصبح من أوجب واجباتنا المباشرة بذل المزيد من الجهود والموارد للتغلب على هذه التحديات الكبرى وتجاوزها، ولا ريب أن ذلك لن يتم على أكمل الصور إلا بالعمل المشترك، والتعاون والمؤازرة والتعاضد الإقليمي والدولي، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية، وهو ما أكد عليه إعلان الدوحة الصادر في ختام أعمال الدورة الوزارية (29) للإسكوا التي انعقدت في الدوحة، ديسمبر 2016.


إن من الدروس المستفادة من تاريخ العمل الإنمائي أن تلبية متطلبات تنفيذ خطة التنمية المستدامة للعام 2030، لن يتم على أكمل وجه دون الارتكاز على شراكات عالمية لخلق البيئة الدولية والإقليمية المواتية للتنمية، مع مراعاة اختلاف قدرات البلدان ومستويات التنمية فيها، واحترام السياسات والأولويات والملكيات الوطنية. وتحقيقاً لذلك، فقد ركزت استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر للفترة 2018-2022، على أهمية قطاع التعاون الدولي، في تعزيز دور قطر الاقليمي اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، للمساهمة في تحقيق الأمن والسلم العالميين من خلال مبادرات سياسية ومعونات تنموية و إنسانية. ولقد استفدنا كثيراً من خبرات الإسكوا، ومرئياتهم الفنية، في مرحلة الإعداد لهذه الاستراتيجية، والتي تم إطلاقها في شهر مارس المنصرم.
لذا، فإن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة، يتطلب حشد الوسائل اللازمة، والعمل على تعزيز تعاون دولي فعال بخلق شراكات حقيقية، كما حددها الهدف الإنمائي السابع عشر، تستند إلى روح التضامن العالمي والإقليمي، وإلى إشراك الحكومات الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني وأفراد المجتمع، مع ضرورة الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.


في عصرنا الحاضر، الذي تحدد فيه التكنولوجيات القدرات التنافسية، وتلعب دوراً هاماً في التنمية المستدامة، يمكننا تسخير الإمكانات الهائلة التي توفرها تقنية المعلومات من أجل تحقيق تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية، ويكون ذلك بالتركيز على أنشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيات الحيوية، واعتماد الآليات التكنولوجية القابلة للاستدامة، كما يمكن تحسين أداء المؤسسات الخاصة من خلال مدخلات معينة مستندة إلى التكنولوجيات الحديثة، فضلاً عن استحداث أنماط مؤسسية جديدة تشمل مدن وحاضنات للتكنولوجيا.


أيضاً، يمكننا استخدام التكنولوجيا في تعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الاقتصاد القائم على المعرفة، لاسيّما أن بناء القدرات هو الوسيلة الوحيدة لتعزيز التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي، وتوليد فرص عمل جديدة وتقليص معدلات الفقر. كما يمكن وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي، بحيث يتم إدماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وإعداد سياسات وطنية للابتكار، واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. وذلك يتطلب تشجيع الابتكار وتبادل أفضل الممارسات والحلول الإنمائية الناجحة والمختبرة، وابتداع الآليات المناسبة للرصد والمتابعة والتقييم أثناء التنفيذ، بما يقلل التكاليف ويضمن الوصول إلى النتائج المرجوة.


إننا في دولة قطر نولي اهتماماً كبيراً للتنمية الوطنية والاستقرار الاقليمي والوئام العالمي، حيث يولي سمو الأمير اهتماماً  خاصاً بتحقيق مرتكزات رؤية قطر الوطنية 2030، من التنمية الاقتصادية، التنمية الاجتماعية، التنمية البشرية، والتنمية البيئية، والتي حرصنا أن تتماشى مع الأهداف العالمية المخططة.. كما أننا نسهم لحد كبير في التنمية الدولية وفي التخفيف من وطأة الحروب والنزاعات على المتأثرين بها وذلك بالمساعدات الإنسانية، وبالمشاريع الإنمائية في كثير من مناطق النزاعات والاحتلال.
إن دولة قطر، تؤمن إيماناً عميقاً  بأن الحق في التنمية هو من الحقوق الأساسية للإنسان غير القابلة للتصرف، وأن تكافؤ الفرص في التنمية هو أحد دعامات الحكم الرشيد، وهو السبيل الأمثل لبناء المجتمعات السليمة، المسالمة والمتكاملة، التي تمثل الوسيلة لحماية الشباب من آفة التطرف والعنف والإرهاب.. فالمجتمع السليم، والفرد السعيد، هما الغاية من كل سعي في سبيل النماء والازدهار المستدام.


خلال فترة رئاستنا للدورة (29) للإسكوا، للعامين المنصرمين، انعقدت العديد من ورش العمل والفعاليات الفنية المتخصصة في مجالات التنمية المستدامة والاقتصاد والتجارة، والطاقة والمياه، والمرأة، وغيرها.. حيث تم :
- التركيز على تنفيذ أجندة 2030 بداية من تبنى الإعلان الوزاري بالدوحة والذى يضع خطوات عملية لكيفية مقاربة تنفيذ الأجندة على المستويين الوطني والإقليمي، وصولاً إلى إنشاء وحدة لدعم الدول العربية في تنفيذ الأجندة بالأمانة التنفيذية.
- الاهتمام بقضايا الفقر متعدد الأبعاد وإصدار أول تقرير عربي يعتمد على هذا المفهوم الأوسع للفقر، تم اعتماده من قبل مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب.

- تبنى خطة العمل الإقليمية الخاصة بدعم أجهزة الإحصاء العربية لتنفيذ أجندة 2030.

- إيلاء اهتمام خاص بقضايا تمويل التنمية باعتبارها المحك الأساسي لتنفيذ أجندة 2030، من خلال الدراسات الفنية وكذلك التدريب.
- التنويه بالدور المهم للجان الإقليمية للأمم المتحدة في تنفيذ أجندة 2030 ، وإلى أن الإصلاحات المطروحة للأمم المتحدة يجب أن تأخذ في الحسبان أهمية تعزيز هذا الدور.
- كما تم عقد اجتماعين للجنة التنفيذية للإسكوا، برئاسة دولة قطر، في الرباط، وبيروت.


في الختام نؤكد التزام دولة قطر بمواصلة نهجها في تطوير طرائق شاملة ومتكاملة ومتوازنة لتعزيز ثقافة الشراكة والابتكار، واتخاذ المزيد من المبادرات التي تقوم على قيم التعاون والتضامن وصيانة الحقوق الأساسية، والتي تضع الإنسان في صلب أولوياتها.
ومع اختتام رئاسة دولة قطر للدورة 29 للإسكوا، لا يفوتني أن أهنيء أشقاءنا في جمهورية تونس بتسلمهم رئاسة الدورة (30) للإسكوا، متمنياً لهم فترة رئاسية ناجحة في إدارة أنشطة وفعاليات الدورة، ولا شك أننا سنقوم بتقديم كل الدعم اللازم لهم لإنجاح رئاستهم. "


الراجحي
والقى بعدها الوزير لدى رئيس الحكومة التونسية المكلف بمتابعة الاصلاحات الكبرى السيّد توفيق الراجحي، كلمة باسم بلاده رئيسة الدورة الوزراية الحالية، هنا نصها:
" أودّ في البداية أن أعرب عن شكري وامتناني لحكومة الجمهورية اللبنانية الشقيقة على استضافتها للدورة الثلاثين للجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
ويسعدني أيضا أن أتقدّم بعبارات الشكر لدولة قطر الشقيقة على رئاستها للجنة خلال السنتين الماضيتين، وأن أنوّه بالمجهودات التي بذلتها من أجل تعزيز عمل اللجنة.


ولا يفوتني أن أشكر كافة الدول الأعضاء على اختيارهم بلادي لترأّس أشغال هذه الدورة، وأن أؤكّد لكم حرصنا على إنجاح أعمالنا والمساهمة في مزيد تعزيز أنشطة اللجنة، معوّلين في ذلك على تعاونكم ومساندتكم للرئاسة التونسية طوال السنتين المقبلتين.
كما أوّد ان انتهز هذه الفرصة لأجدّد للدكتور محمد علي الحكيم عن تهانينا الحارة له بمناسبة تعيينه على رأس اللجنة وتمنياتنا له بالنجاح والتوفيق، وأن نعرب له تقديرنا لجهوده ومساعيه لتعزيز دور الإسكوا في دفع التعاون والاندماج في منطقتنا العربية. والشكر موصول لأعضاء الأمانة على الإعداد الجيد لهذه الدورة.


تنعقد دورتنا هذه السنة تحت محور "التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية". وهي تلتئم في ظروف صعبة جدّا تمر بها منطقتنا العربية، بما يحتّم علينا التركيز على القواسم المشتركة بين بلداننا وتحديد خطوات عمليّة تمكّننا من رفع التحديات التنموية ومزيد التعاون والتآزر لمواجهة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العميقة في منطقتنا العربية وفي العالم.


ولا شك أن الثورة التكنولوجية الحالية، أو ما يسمّى بالثورة الصناعية الرابعة، يمكن لها، إذا ما حسُن استخدامها، أن توفّر لنا الحلول للتحديات الكبيرة التي نواجهها والإستجابة لأولويات منطقتنا ولا سيما إتاحة فرص إنمائية غير مسبوقة وخلق مواطن الشغل وتدعيم الحوكمة الرشيدة وتحسين إنتاجية الإقتصادات الوطنية والتصرف المستدام في الموارد الطبيعية، ومن ثمّة تحويل الإقتصادات العربية الإستهلاكية إلى اقتصادات إنتاجية ذات دور فاعل في سلاسل القيمة العالمية.


ونحن على يقين أن قدرة البلدان العربية على تحقيق التنمية المستدامة مرتبطة إلى حد كبير بقدرتها على تطوير التكنولوجيات الواعدة ونقلها وتكييفها والتحكم فيها وإدارتها من أجل زيادة إنتاجية القطاعات المختلفة.
إن تونس التي نجحت في الانتقال الديمقراطي وتكريس الدولة المدنية الحديثة، تسعى للإستجابة لتطلعات شعبها في التنمية الإجتماعية والإقتصادية العادلة والمستدامة. وهي تؤمن في ذلك بدور الإقتصاد الرقمي والتكنولوجيا في رفع التحديات الإقتصادية والإجتماعية وبناء مجتمع المعرفة.


لذلك تعمل الحكومة التونسية على إرساء مجتمع جديد قوامه تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي ويشمل كل الفئات والجهات ويضمن حق المواطن في التواصل عبر شبكات المعلومات وحقه في الخلق والإبداع من خلال تمكينه من التعلم والمعرفة الحديثة وحثه على الأنشطة ذات المحتوى المعرفي المرتفع في مختلف المجالات.


وترمي الخطة الإستراتيجية لتطوير قطاع تكنولوجيات الإتصال والإقتصاد الرقمي التي اعتمدناها في إطار المخطط الخماسي للتنمية الإقتصادية والإجتماعية 2016 -2020، إلى خلق حوالي 80 ألف فرصة عمل قبل نهاية 2020 وضمان تكافؤ الفرص عبر الإندماج الإجتماعي ومحو الفجوة الرقمية للحد من فوارق بين الفئات وضمان المساواة بين الجهات إضافة إلى ضمان تموقع تونس في الاقتصاد الدولي ومساهمتها في العالم الرقمي الجديد.
وتسعى الخطة الاستراتيجية إلى إستحثاث نسق التنمية في بلادنا عن طريق ربط 100% من الأسر التونسية بشبكة الإنترنت بحلول سنة 2020 وضمان صادرات رقمية بقيمة 5 آلاف مليون دينار سنويا واستكمال إرساء الإدارة الرقمية وتعزيز تقديم الخدمات الإدارية عن بعد.


كما إعتمدت تونس في أفريل الماضي قانون "النهوض بالمؤسسة الناشئة" المعروف بإسم "Start up Act" الذي يهدف إلى وضع إطار محفّز لبعث مؤسّسات ناشئة تقوم خاصّة على التّجديد و إعتماد التّكنولوجيّات الحديثة و تحقّق قيمة مضافة عالية و قدرة تنافسيّة على المستويين الوطنيّ و الدّوليّ. ويعتبر هذا القانون "ثورة" في منظومة القوانين المشجعة على الإستثمار وموجها بالأساس إلى فئة الشباب لحثهم على الإستثمار وخلق مؤسساتهم الخاصة ذات القيمة التكنولوجية العالية.


  ونحن نتطلع إلى أن يواصل شركائنا من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والإقليمية معاضدة جهودنا التنموية في مجال الاقتصاد الرقمي كأحد روافد تنفيذ أجندة التنمية المستدامة. ونحن نتطلع خاصة إلى مزيد دعم العمل الرائد الذي تقوم به الإسكوا في مجال إعداد الدراسات وتقديم الاستشارات والتدريب في مجالات عديدة متصلة بالتنمية. وإن تونس التي تثمّن عاليا ما حققته سائر برامج التعاون والمعونة الفنية، تأمل في مزيد تعزيز هذا التعاون وتنويعه وإثراءه، خاصة في مجالات مراجعة أنظمة الحماية الاجتماعية وإدارة المؤسسات العمومية وإعداد المخططات التنموية وإدماج أهداف التنمية المستدامة فيها، وكذلك في مسائل التجارة البينية والاقتصادي التضامني والتشاركي والعدالة الاجتماعية والدعم المستهدف.


أودّ أن أجدّد الإعراب باسم الحكومة التونسية عن التضامن التام واللامشروط مع الشعب الفلسطيني الشقيق في وقت كثّفت فيه سلطات الاحتلال اعتداءاتها اليومية على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في تعدّ صارخ على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني واستهتار تام بقرارات الشرعية الدولية. وهو ما يحرم هذا الشعب المناضل من حقة في التنمية والإنخراط في جهود المجموعة الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل ويفرض عليه "نكوص التنمية" وخسائر عابرة للأجيال ومتعددة المستويات، حسب ما ورد في تقرير الأمانة.


وإنّ تونس إذ تُحيّي جهود السلطة الفلسطينيّة من أجل استرداد حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق لا سيما عبر التوصل إلى اعتماد قرار للجمعيّة العامّة للأمم المتحدة يدين الإستخدام المفرط للقوة من قبل الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، تدعو الإسكوا على مزيد العمل على إبراز معاناة الشعب الفلسطيني داخل منظومة الأمم المتحدة وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية وفضحها للرأي العام الدولي.


وتجدد تونس بهذه المناسبة الإعراب عن دعمها التام لجهود استئناف مفاوضات السلام وفق جدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة عاصمتها القدس الشريف، لا سيما عبر استصدار قرار أممي يحمي الشعب الفلسطيني وينهي الاحتلال الإسرائيلي ويفضي إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه وتضمن أمن واستقرار المنطقة".


احمد  ابو الغيط
وألقى بعدها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط الكلمة التالية:
"يسعدني ان اشارك في افتتاح اعمال الدورة الثلاثين للجنة الوزارية للاسكوا، واسمحوا لي بداية ان اتوجه بالشكر للسيد السفير محمد علي الحكيم على دعوته الكريمة للمشاركة في اعمال هذا المؤتمر الوزاري الهام، كما اتقدم بالتحية للاسكوا على الجهود التي تقوم بها في المنطقة العربية بالمشاركة مع جامعة الدول العربية من اجل دعم جهود الدول العربية في تنفيذ اهداف التنمية المستدامة في العديد من مجالات العمل الهامة. كما لا يفوتني ان اتوجه بالشكر لدولة قطر على رئاستها للدورة (29) واتقدم بخالص التهنئة الى تونس على رئاستها للدورة الحالية.


تعود بدايات التعاون بين جامعة الدول العربية والاسكوا الى حقبة السبعينات من القرن الماضي والتي شهدت اطلاق الاسكوا، حيث تم ابرام مذكرة تفاهم بينهما في عام 1983 تم تحديثها عام 2013 وذلك لتطوير وتعزيز التعاون بينهما ليشمل اولويات مختلفة كالتنمية المستدامة، ومكافحة الفقر، تعزيز التكامل التجاري والاقتصادي، وتحقيق الامن الغذائي تعزيز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والارتقاء بحقوق المرأة، وغيرها، وليكون العمل المشترك اكثر انسجاما مع الاحتياجات والتحديات المستجدة في المنطقة العربية، ولتوفير اطار للحوار والتعاون بين المنظمتين يعمّق جهودهما للدفع قدما بالتكامل الاقليمي، ودورهما في وضع السياسات العامة بالمنطقة، واخذا في الاعتبار توسع الاسكوا في نطاق انشطتها التي اصبحت تشمل غالبية الدول العربية.
اكدت خطة الامم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة محورية مفهوم التكامل والترابط بين الاهداف، ومن هنا ارى ان التعاون والتنسيق القائم بين جامعة الدول العربية والاسكوا لا بد وان يتسم مع هذا المفهوم، اي ان يكون مترابطا ومتكاملا بشكل وثيق لتلافي الازدواجية في العمل وقيام التوازن المطلوب بما يعزز ويقوي اواصر التعاون والمشاركة بينهما.


واسمحوا لي ان اهنىء الاسكوا على نجاح فعاليات المنتدى العربي للتنمية المستدامة لهذا العام وان اثمن في هذا الاطار الجهود التي تقوم بها الاسكوا بالتعاون مع الجامعة العربية والشركاء الدوليين لايصال رسائل واولويات المنطقة العربية في تنفيذ خطة 2030 الى المنتدى السياسي رفيع المستوى عاما بعد عام.


واستكمالا وتعزيزا لاوجه التعاون وتفعيل المشاركات، تستضيف الامانة العامة الاجتماع الرابع والعشرين لألية التنسيق الاقليمي خلال شهر اكتوبر المقبل، وسيشهد هذا الاجتماع عقد اجتماعات بين المنظمات العربية المتخصصة ونظيراتها من منظمات ووكالات الامم المتحدة للوقوف على اهم القضايا التي تهم المنطقة ولتجديد الاولويات المشتركة. كما تقوم الامانة العامة حالياً بالاعداد والتحضير لعقد فاعليات الاسبوع العربي للتنمية المستدامة في نسخته الثانية خلال شهر نوفمبر المقبل تحت رعاية السيد عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وهي الفعالية تحرص على ان تكون الاسكوا شريكا رئيسيا فيها.


مع الاعلان عن خطة الامم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 بادر القادة العرب خلال القمة العربية السابعة والعشرين بنواكشوط في عام 2016، باتخاذ قرار يقضي بانشاء آلية عربية تتولى متابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة 2030 في الدول العربية، يكون من ضمن مهامها تعزيز التعاون مع الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. وقد تمخض عن هذا القرار انشاء اللجنة العربية لمتابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة، وتقديم الدعم للدول العربية في تنفيذ خططها الوطنية والتي ترفع توصياتها الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية.


في ظل الظروف والتحديات الكبيرة والمتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية خلال المرحلة الحالية والتطور التكنولوجي السريع والهائل الذي يشهده العالم، خاصة في مجالي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. موضوع نقاش هذه الدورة الوزارية "التكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية" يمثل اهمية محورية وركيزة اساسية من ركائز العمل في مجال التنمية المستدامة، حيث تساهم التكنولوجيا والبحث العلمي والابتكار في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، خاصة عندما تستخدم كوسيلة لتنمية قدرات الانسان، وكعنصر جوهري لتغيير المجتمعات عن طريق توفير الادوات والوسائل الضرورية لوضع الاطر الوطنية.


ويأتي هذا التوجه متماشيا مع الاهتمام الذي توليه الدول العربية للتوطين ونقل التكنولوجيا في ضوء كونها عملية ضرورية لتأمين بيئة صحية للعمل ولتوفير فرص عمل للشباب للحد من البطالة، وايضا لتعزيز وتسريع  وتيرة التقدم نحو تحقيق خطة 2030، وتلبية الاحتياجات الخاصة لمختلف الدول، وخاصة الدول الاقل نموا، ومع الاخذ في الاعتبار ان الهدف السابع عشر من اهداف التنمية المستدامة 2030، يركز على تعزيز وتطوير التكنولوجيا ونقلها ونشرها.


ويتطلب الامر العمل في هذا الصدد بجدية من اجل ايجاد طرق جديدة ومبتكرة للتمويل المستدام، مع تغيير فلسفة الفكر المالي والمصرفي والتشبيك في هذا الخصوص بين المال والمجتمع والبيئة، وتعزيز المشاركة بين اصحاب المصلحة المتعددين لجمع المعارف والتكنولوجيا والموارد المالية وتقاسمها، وذلك بهدف تحقيق اهداف التنمية المستدامة في جميع الدول، ولاسيما في الدول النامية والدول الاقل نموا. وهذا ما تقوم الامانة العامة بدراسته في الوقت الحالي تمهيدا للخروج بمبادرة تطرح على القمة التنموية التي ستعقد هنا في بيروت اوائل العام القادم.


وفي هذا الاطار، يسرني ان الفت النظر الى ان جامعة الدول العربية بادرت ومن خلال اللجنة العربية للتنمية المستدامة، بتقديم مقترح لانشاء الشبكة العربية للعلوم والتكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة، والتي تهدف للمساهمة في تعزيز آليات التعاون في مجالات العلوم والمعرفة والتكنولوجيا من اجل تحقيق اهداف التنمية المستدامة، وذلك بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية المعنية.


ختاما، يسعدني ان اتوجه بالشكر والتقدير الى الجمهورية اللبنانية على احتضانها لهذا الاجتماع الوزاري الهام، مع التطلع لاستضافتها للقمة العربية التنموية القادمة اوائل عام 2019، والتي نتمنى النجاح لاعمالها، وان تخرج بنتائج تلبي طموحات المواطن العربي، كما اتقدم بجزيل الشكر الى السيد السفير الدكتور محمد علي الحكيم وكيل الامين العام للامم المتحدة ولسكرتارية اللجنة على حسن التنظيم، متمنيا ان يكلل الاجتماع الوزاري لهذا العام بكل النجاح والتوفيق".

 

الأمين التنفيذي للاسكوا
ثم ألقى وكيل الأمين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للاسكوا الدكتور محمد علي الحكيم الكلمة الآتية:
" يسعدني باسم لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ( الاسكوا) ان ارحب بكم ضيوفا اعزاء في بيت الامم المتحدة في بيروت في افتتاح الدورة الوزارية الثلاثين للاسكوا. ويشرفني بداية ان اتقدم من فخامة الرئيس العماد ميشال عون بعظيم تقديري على رعايته وتشريفنا بحضوره شخصيا حفل الافتتاح. كما ارحب بمعالي السيد احمد ابو الغيط حيث يجسد عمق الشراكة العربية والاممية، ونعمل مع الجامعة العربية الشريك الرئيسي للاسكوا لتنفيذ خططنا الحاضرة والمستقبلية.
كما ارحب بمشاركة معالي السادة الوزراء ورؤساء الوفود العربية وممثلي المنظمات الدولية. واحيي شركاءنا في التنمية، الحاضرين معنا اليوم، ممثلي مؤسسات الفكر والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتلبيتهم الدعوة للمشاركة في هذه الدورة التي اختارت دولنا الاعضاء ان يكون موضوعها الرئيسي " التكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة".

تحتضن بيروت اليوم نخبة عزيزة من اربعة عشر وزيرا عربيا في لقائنا التشاوري هذا وعلى اعلى المستويات. وتلبس بيروت، مدينة الفكر والثقافة والادب والفن والابداع، احلى ازيائها لترحب بالوفود العربية من مشرق الوطن العربي الى مغربه ومن شماله الى جنوبه للتداول بلغة واحدة وللتباحث عن هدف واحد الا وهو خدمة الانسان العربي حاضرا ومستقبلا تحت شعار " التكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة" نابعة من قناعاتنا بان التكنولوجيا والابتكار هما عنصران اساسيان لتنفيذ خطة 2030 من التنمية المستدامة في وطننا العربي.

نجتمع اليوم للتباحث في كيفية وضع التكنولوجيا والابتكار في خدمة الانسان والتنمية البشرية في منطقتنا العربية، وللنظر في كيفية دمج هذين البعدين في الخطط ��لتنموية الوطنية باعتبارهما حاجة ملحة واولوية مطلقة في عالم اليوم، لدفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة مما يعزز رفاه وازدهار المواطن العربي وتوسيع المكاسب لتشمل الجميع من دون استثناء. وتوفر الامم المتحدة فرصة للوقوف عند الحاجات الملحة للبلدان العربية في ظل الاوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة العربية التي شهدت خلال السنوات الاخيرة تحولات على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية. نجتمع لتحفيز التعاون ولايجاد الاطر المناسبة الوطنية والاقليمية التكاملية لتحقيق الرفاه لمجتمعاتنا، وسعيا منا الى تحقيق الصالح العام لشعوبنا وتأمين مستقبل افضل للشباب وللاجيال القادمة.
والواقع، ان موضوع التكنولوجيا يكمل المواضيع التي طرحتها  الدورتان الوزاريتان السابقتان، من " العدالة الاجتماعية" و" تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030". وكلنا يعلم ما تختزنه التكنولوجيا والابتكار من امكانات لترسيخ العدالة الاجتماعية ومنع الانقسام والتهميش وسد الفجوة المستمرة بين الجنسين وضمان الدمج الكامل للاشخاص ذوي الاعاقة وصولا الى اكثر الفئات تعرضا للمخاطر من ناحية، وما يمكن ان تقدمه من حلول ناجعة للكثير من التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه بلداننا العربية، وتمكين الشباب والنساء والفتيات وتوفير العمل اللائق للجميع ودعم التنمية المستدامة الشاملة في منطقتنا العربية.

الشباب العربي اليوم هو شباب متألق ومتألم في آن واحد. متألق بافكاره وطموحاته ومتألم بانتظاره لفرص العمل اللائق التي توفر له العيش الكريم. ولن يتأتى هذا الا من خلال فتح المجال للقطاع الخاص. فالقطاع الحكومي في الدول العربية بات كبيرا بدرجة غير مسبوقة ومترهلا بصورة غير مقبولة. وبالتالي يجب اعطاء الشباب مساحة اكبر للعمل في القطاع الخاص، فيطوروا هذا القطاع ويتطورون معه. وهذه مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الحكومات والقطاع والخاص معا، فالدولة مطالبة بازالة القيود والتعقيدات والقوانين الصعبة التي تعيق تطوير القطاع الخاص واتاحة المرونة اللازمة لانشاء الاعمال الرائدة ودعمها. وعلى القطاع الخاص ان يبني روابط وثيقة مع الجامعات ومراكز البحوث لتشكل مخرجاتها نتائج عملية لخدمة التنمية.

لا يفوتني هنا ان اشير الى ان النساء العربيات، تواجههن صعوبات تفرضها انظمة تمييزية تحبط قدرتهن على المساهمة الفعلية في الاقتصاد. فلا يمكن تفعيل نهضة حقيقية في مجتمعاتنا العربية الا بتمكين النساء من التخصص في كافة المجالات ودخولهن الممنهج في سوق العمل. وقطاع التكنولوجيا يمثل حالة صارخة للمشاركة المحدودة للنساء في الحياة الاقتصادية والتي ينبغي التعامل معها بدرجة كبيرة من الالحاح.

ان الرسالة التي ترغب الامم المتحدة في توجيهها اليوم الى جميع المعنيين، هي دعوة صريحة الى تبني التكنولوجيا والابتكار في خدمة التنمية البشرية، وليس الاستثمار في التكنولوجيا من اجل التكنولوجيا, هذا هو الهدف الاساسي من التكنولوجيا، ان تكون في خدمة الانسان والتنمية البشرية والمستدامة في الدول العربية. وكل جهود التنمية يجب ان تصب في الانسان وترتبط به.

على هذا الامل، اتمنى لمداولاتكم كل التوفيق في فتح آفاق جديدة لاجيالنا من الشباب والشابات، كما آمل ان تفضي توصيات هذه الدورة، والاعلان الذي سيصدر عنها، الى رسائل ومقترحات تحول اولويات وشواغل المنطقة العربية، الى سياسات تنموية قادرة على نشر مخرجات التكنولوجيا وترويج الابتكار في مجتمعنا.

ختاما، اجدد شكري لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال عون على مشاركته معنا وهو خير دليل على اهتمام الحكومة اللبنانية من اعلى الهرم باحتضان مقر اللجنة الاقتصادية والاجتماعية( الاسكوا) في بيروت وما تقدمه للبنان والعالم العربي. كما اكرر تقديري لمعالي امين عام جامعة الدول العربية على المشاركة معنا اليوم والشراكة المثمرة بيننا، واشكر ممثلي الجهات المشاركة جميعا، متمنيا نتائج مثمرة بمستوى التوقعات المنتظرة من هذا الحشد من الخبراء رفيعي المستوى بغزارة معارفهم وعظيم خبراتهم".
الرئيس عون
وفي الختام ألقى رئيس الجمهورية الكلمة التالية:
"سعادة الأمين العام،  أصحاب المعالي والسعادة، أيها الحضور الكريم،
أهلاً وسهلاً بكم في الربوع اللبنانية، ممثلين عن دول اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا ونخبة من كبار المسؤولين والأكاديميين والمختصّين، المعنيّين بأهمّ القضايا الاقتصادية والإنمائية في المنطقة العربية. تلتقون في بيروت في إطار الدورة الوزارية الثلاثين للإسكوا، واضعين كل خبراتكم لبحث كافة السبل الممكنة من أجل تنمية مستدامة وشاملة للوطن العربي.

إن اجتماعكم هو ظاهرة لافتة ومميّزة في اللحظة الراهنة من تاريخ منطقتنا، تماما مثلما هو لافتٌ ومميّزٌ نشاطُ الإسكوا، منذ تأسيسها وانطلاق عملها من بيروت قبل أربع وأربعين سنة.
فأنتم تجنّدون قواكم، وتسخّرون إمكانيّاتكم، وتستخدمون عقولكم وأفكاركم لرفع مستوى الإنسان في المجتمعات العربية، عن طريق مكافحة الجوع والفقر وتعميم التعليم والرعاية الصحّية والمساواة بين النساء والرجال، مع حفظ حقوق الأجيال المقبلة وحصّتها في التنمية الاقتصادية والبيئة السليمة والثروات الطبيعية، في الوقت الذي تتضافر فيه قوى الشرّ لكي تمزّق بلداننا العربية وتجعلها رهينة عدم الاستقرار والتطرّف والتعصّب، وأسيرة الحروب الهمجيّة، وتخيّر نسبة كبيرة من مواطنيها بين الموت أو حياة البؤس في مخيّمات النزوح.

أيها الحضور الكريم
تنعقد دورتكم هذا العام  ومحورها التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية. ولا شكّ بأن هذا الموضوع الذي اخترتموه محورا لأبحاث دورتكم هو موضوع حيويّ وملحّ، فلا يمكن إهمال التكنولوجيا ودورها في مسيرة التنمية في منطقتنا العربية. ليست التكنولوجيا في عصرنا ترفاً، أو نشاطا منفصلاً عن التنمية والحياة الاقتصادية، بل هي لاعبٌ رئيسي في التطوّر الاقتصادي والاجتماعي على مستوى العالم بأسره، في البلدان الغنيّة كما في البلدان الفقيرة أو الدول ذات الدخل المتوسّط.
ولبنان يدرك أهمّية التكنولوجيا ودورها في البناء الاقتصادي، لذلك فهو يعوّل عليها كثيرا في البرامج التي ننوي صياغتها وتنفيذها في المرحلة الزمنية المقبلة، في إطار التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، الذي نعتبره ممرّا إلزاميا للخروج من ظروفنا الاقتصادية الراهنة. وهذا التخطيط هو أيضاً تمهيدٌ لا غنى عنه لبناء مستقبل زاهر للأجيال المقبلة من اللبنانيين.

تهدف التنمية المستدامة إلى إنقاذ المجتمعات من مشاكلها الراهنة، الفقر والجوع والأمّية والمرض، وفي الوقت نفسه توفير حياة كريمة للأجيال المقبلة.

ونحن في لبنان نعيش تحدّيات مشابهة تماما لتحدّيات التنمية المستدامة، من حيث ضرورة معالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلّبات المستقبل. فنحن مصمّمون على مجابهة الأزمات المتراكمة التي بدأت بالظهور قبل نصف قرن من الزمن واستمرّت على مدى سنوات وعقود، فانعكست في تراجع مستوى المعيشة والتفاوت غير المقبول بين الفئات الاجتماعية والمناطق، وانعكست على وجه الخصوص في الهوّة المزمنة بين إيرادات الدولة ونفقاتها وتنامي الدين العام بشكل ينوء تحته الاقتصاد الوطني.

وفيما لبنان يواجه هذه الظروف الصعبة، والاستثنائية، فُرض عليه أن يدفع قسطا كبيرا، يفوق إمكانيّاته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في المأساة الإنسانية التي نجمت عن الحرب السورية واضطراب محيطنا الإقليمي بشكل عام.
إننا نتفهّم البعد الإنساني لمعاناة النازحين، ولكنها مشكلة تفوق قدرة لبنان على تحمّل أعبائها، المالية والاقتصادية والأمنية، ونحن مصمّمون على إيجاد الحلول الضرورية لها، آملين من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، ومساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن.

ومن جهة أخرى، وبمعزل عن المشاكل الآنية، نريد الاطمئنان إلى أننا قمنا بما يتوجّب علينا لتأمين الحياة الكريمة للأجيال المقبلة من بعدنا؛
لذلك فقد عزمنا على مواجهة الواقع وصعابه، وقرّرنا اللجوء إلى التخطيط الفعّال، فوضعنا خارطة طريق تلحظ تجنيد طاقاتنا الوطنية والاستعانة بالخبرات الدولية المشهود لها، ونتوقّع أن تبدأ نتائج هذا العمل بالظهور فور تشكيل الحكومة الجديدة وإنجاز بيانها الوزاري.
إن الغاية الرئيسية من وراء هذا الجهد هي تحويل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج. وتبرز الحاجة ماسّة إلى رفع مستوى المعيشة، وزيادة نسبة العمالة، واستنفار الطاقات الكامنة وغير المستعملة في الاقتصاد الوطني، لخلق الوظائف وتحفيز النموّ. ولأن طاقات الاقتصاد اللبناني ليست مستثمرة على الوجه الكامل، فإن الخطّة تلحظ تحديد القطاعات المنتجة ودعمها واستغلالها.

وتلحظ برامجنا أولوية تحقيق الإصلاح المالي عن طريق تحصيل كل الإيرادات المشروعة للدولة ووقف الهدر في الإنفاق وزيادة المشاريع والاستثمارات العامّة. وليكن معلوماً أن ساعة الحساب مع الفساد قد حانت، فلا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة عن طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدّي على حقوق الدولة.

من البديهي أن الدولة اللبنانية لن تسمح للأزمة أن تتفاعل وتتفاقم، ولا للاقتصاد أن ينكمش عاما بعد عام. فلا شيء ينقص لبنان لكي يحقّق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصاديات المنطقة، وكذلك اقتصاديات الدول الناشئة. فلبنان يمتلك موقعا مميّزا، وانفتاحا ثقافيا وتجاريا على العالم منذ القدم، ولدى أبنائه، خصوصا الشباب، أكثر من دليل على تفوّقهم ونجاحهم، في بلدهم كما في العالم الرحب. وعندنا مؤسّسات تعليمية مشهود لها وقطاع مالي عريق وقوي وفاعل.

وختاماً، إذ أتمنّى لكم التوفيق في أعمال دورتكم، أرجو لمنطقتنا العربية أن تستعيد الاستقرار والسلام والوئام والنموّ والازدهار، وللإسكوا دورٌ كبير يعوّل عليه في تحقيق الجانب الاقتصادي والاجتماعي من هذه التمنيّات.
عشتم وعاش لبنان".   

 وبعد انتهائه من القاء كلمته، قدّم الأمين التنفيذي للاسكوا السيد الحكيم درعاً تقديرية لرئيس الجمهورية لرعايته وحضوره حفل الافتتاح واهتمامه الدائم بنشاطات الاسكوا.
السجل الذهبي
وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، صافح الرئيس عون مجموعة من كبار الحاضرين، بعدما كان دوّن الكلمة التالية في السجل الذهبي:
" اود ان اعبر عن سعادتي بعودة اجتماعات الدورة الوزارية الثلاثين للاسكوا الى بيروت، وانطلاق اعمالها تحت عنوان حيوي وآني هو تفعيل استخدام التكنولوجيا في خدمة التنمية المستدامة في المنطقة العربية. كل التقدير لمن عملوا على تحقيق هذا الحدث، لاسيما الامين التنفيذي للاسكوا، واني على ثقة ان القضايا والمقاربات التي ستطرح، ستسهم في بناء طموحات اكثر جرأة لتحقيق التنمية والرفاهية، والسلام لشعوبنا العربية".