سأطلب من الرئيس السيسي مساعدات عسكرية للجيش اللبناني
وهو كان داعماً للبنان في مختلف الظروف
لم يطلب الاميركيون تفاوضاً مباشراً بين لبنان وإسرائيل
والأساس بالنسبة إلينا هو إتفاقية الهدنة ونسعى الى حالة لا حرب على الحدود الجنوبية
حزب الله موجود في البرلمان ويمثل شريحة من اللبنانيين
والعلاقة معه موجودة ولكن بطريقة غير مباشرة بسبب الوضع الأمني الخاص للحزب
بنية الدولة تقتضي حصر السلاح في يدها واتخاذها قرار السلم والحرب
وهذا ما نعمل لأجله الآن
نرحب برفع العقوبات عن سوريا والاسباب التي فرضت على السوريين النزوح الى لبنان قد ازيلت
ونعمل مع الدولة السورية بالتعاون مع المنظمات لمساعدة النازحين على العودة الى بلادهم
سأبحث مع الرئيس الفلسطيني خلال زيارته الى لبنان موضوع السلاح في المخيمات
و سيتم التركيز في المرحلة الأولى على معالجة مسألة السلاح الثقيل
أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ان مصر تلعب دوراً قيادياً في المنطقة، وهي وبالنسبة الى لبنان لها عمق تاريخي وعربي وشريك اساسي في المحافظة على الاستقرار الإقليمي، لافتاً الى ان العلاقة بين لبنان ومصر متجذرة في التاريخ وهي لا تزال قوية بين الشعبين والدولتين الشقيقين.
وتوجه بالشكر الى الرئيس المصري على دعمه الدائم للبنان.
وكشف انه سيطلب مساعدات عسكرية من مص�� لجهة التدريب وغيره، وانه سيبحث هذا الملف مع نظيره المصري.
وفي حديث الى الإعلامية لميس الحديدي في قناة ON TV، لفت الرئيس عون الى ان ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن لبنان خلال جولته الخليجية، هو دعم للبنان ولبناء الدولة فيه.
وعن موضوع سلاح حزب الله، لفت الى انه يُعالج عبر الحوار بين مختلف الاطراف في لبنان، "وإذا كنا نريد الحديث عن بنية الدولة، يجب أن نذكر امرين اساسيين، هما: حصر السلاح في يد الدولة ، وأن يكون قرار السلم والحرب في يد الدولة وهذا ما نعمل لأجله الآن".
وحول ما إذا كان هناك ضغوط دولية على لبنان لتسريع إنهاء هذا الملف، كشف رئيس الجمهورية ان هذه الضغوطات موجودة، لكن الواقع اللبناني يتحكم بالخطوات التي نقوم بها في هذا الملف، " فنحن لا نريد الذهاب الى مواجهة داخلية".
وعن تأثير رفع العقوبات عن سوريا على لبنان، جدد الرئيس عون ترحيبه بهذه الخطوة، شاكراً الرئيس ترامب على قراره، ومثمناً دور الامير محمد بن سلمان في اقراره.
ورأى أن الاسباب التي فرضت على السوريين النزوح من سوريا الى لبنان، قد ازيلت، والحرب انتهت، وتغير النظام. فالسبب الامني اصبح غير موجود، والشق الاقتصادي الذي كان حاجزاً للعودة الى سوريا، قد أزيل بقرار رفع العقوبات. وقال: "نحن نعمل مع الدولة السورية ، بالتعاون مع المنظمات لمساعدة النازحين السوريين العودة الى بلادهم".
وقال الرئيس عون ردا على سؤال ان المطلوب ان تنسحب إسرائيل من النقاط التي لا تزال فيها، لكي يواصل الجيش إنتشاره في الجنوب، وقد وضع الجانب اللبناني خططا وسلمها الى الأميركيين.
وحول ما إذا كان يشعر ان الولايات المتحدة الأميركية تسعى الى ان يكون التفاوض مباشرا بين لبنان وإسرائيل، أجاب الرئيس عون: "لم أسمع هذا الكلام ابدا. وهو غير موجود. الأساس بالنسبة إلينا هو إتفاقية الهدنة. ونحن نسعى الى حالة لا حرب على الحدود مع إسرائيل".
وعن علاقته بحزب الله، أوضح الرئيس عون أن حزب الله موجود في البرلمان ويمثل شريحة من اللبنانيين، وعلاقته معه موجودة ولكن بطريقة غير مباشرة، بسبب خصوصية الوضع الأمني لحزب الله.
وعلى صعيد آخر، لفت الى انه ينتظر زيارة الرئيس الفلسطيني الى لبنان للبحث في ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات اللبنانية.
نص الحوار
وفي ما يلي، نص حديث رئيس الجمهورية الى قناة ON TV:
استهل الرئيس عون حواره رداً على سؤال عن العلاقة بين لبنان ومصر، مشيرا الى أنها علاقة متجذرة في التاريخ وهي لا تزال قوية بين الشعبين والدولتين، لاسيما من خلال الهجرة اللبنانية الى مصر والتزاوج بين الشعبين، فنرى بعض العائلات اللبنانية وكأنها مصرية، مثل عائلة الاسكندراني والمصري والدسوقي. فهي عائلات موجودة على اثر التزاوج والاختلاط بين الشعبين. إضافة الى الدور الذي لعبه لبنان في المجالات السياسية، والصحافية والادبية، ونذكر هنا الاديب احمد شوقي شاعر القطرين، والشاعر خليل مطران. أما من الناحية السياسية، فمصر تلعب دورا قياديا في المنطقة، وهي في مراحل كثيرة تفهمت الوضع في لبنان ولا تزال تتفهم الموقف اللبناني ونعطي مثلاً على ذلك، موقف الرئيس عبد الناصر عام 1959 عندما التقى في خيمة على الحدود بين لبنان وسوريا الرئيس فؤاد شهاب، وهذا الموقف كان له معان كثيرة ومهمة، أي التزام الرئيس عبد الناصر بعروبة لبنان وبنهائية الكيان اللبناني، وكذلك الرئيس انور السادات الذي كان صاحب مقولة "ارفعوا ايديكم عن لبنان"، الى الرئيس السيسي ومواقفه، ونحن هنا نشكره على دعمه الدائم للبنان حين كنت قائداً للجيش، وخلال مواجهتنا لجائحة كورونا، وبعد انفجار مرفأ بيروت، وكذلك عبر دعمه للمؤسسة العسكرية، وكذلك لقائي معه في شهر آذار عام 2021 عندما كنت قائداً للجيش، إضافة الى لقائنا في مصر على هامش القمة العربية الطارئة في القاهرة، وإن شاء الله سنلتقي مجددا يوم الاثنين المقبل. فالقاهرة بالنسبة الينا، هي مركز قيادي كبير في المنطقة، ومنصة جامعة عبر علاقاتها الدولية، فهي تستطيع التواصل مع مختلف الدول من واشنطن الى دول المنطقة. وهي وبالنسبة الى لبنان لها عمق تاريخي وعربي وشريك اساسي في المحافظة على الاستقرار الاقليمي.
وعن الملفات التي سيتم مناقشتها خلال زيارة الرئيس عون للقاهرة، اشار رئيس الجمهورية الى ان الملفات تتضمن بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، إضافة الى التطورات التي تحصل على مستوى المنطقة وتنسيق المواقف بشأنها. وسيتم التطرق الى الملفات الاقتصادية، لاسيما وان مصر لديها خبرة في كثير من المجالات، خصوصاً في ما يتعلق بقطاع الغاز والكهرباء، وإعادة الاعمار، وبكيفية دعم الجيش، وإعادة إحياء اللجنة العليا المشتركة اللبنانية-المصرية، إضافة الى البحث في زيارة الرئيس ترامب الى المنطقة ولقاءاته في دول الخليج، ورفع العقوبات الاميركية عن سوريا وانعكاسات ذلك على دول المنطقة.
وكشف الرئيس عون انه خلال زيارته لمصر، سيلتقي شيخ الازهر، والبابا توادروس، والامين العام لجامعة الدول العربية.
وعن اخر التطورات في المنطقة، وزيارة الرئيس الاميركي الاخيرة لها ولقاءاته في السعودية وقطر والامارات، وانعكاسات تصريحات الرئيس ترامب عن لبنان خلال جولته، لفت الرئيس عون، الى ان ما قاله الرئيس ترامب خلال جولته عن لبنان هو دعم للبنان ولبناء الدولة فيه، وهذا ما نعمل عليه نحن الآن، اي بناء دولة سيدة تتمتع بحرية القرار، وان إنجازات الحكومة خلال هذه الفترة القصيرة ، والاصلاحات التي نفذتها تأتي في هذا الاطار، خصوصاً انه كان لها انعكاسات إيجابية على المؤشرات السياحية والاقتصادية على لبنان .
وعن الشروط الاميركية لدعم لبنان، والتي تم اعلانها سابقاً كضرورة بسط سيطرة الدولة على كامل الاراضي اللبنانية، وهل ما إذا كان هناك اي سقف زمني تم تحديده لتطبيق هذه الشروط، لفت الرئيس عون الى انه من الناحية الاقتصادية، جميعنا يعلم جيداً الوضع الاقتصادي في لبنان الذي يعيش في ازمة كبيرة، والدول طالبت بإجراء الاصلاحات، واشرت بدوري في اكثر من موقف الى ان هذه الاصلاحات هي مطلب لبناني وحاجة لبنانية ونحن ملزمون بتطبيقها، وبدأنا بتنفيذ خطوات اصلاحية اقتصادية. أما في ما يتعلق بموضوع حصر السلاح في يد الدولة، فأشرنا اليه في خطاب القسم، وهو موجود في اتفاق الطائف، وحتى في البيان الوزاري الذي وافقت عليه جميع المكونات السياسية في لبنان. ولكن هذا الموضوع لا يمكن ان نحصر تنفيذه ضمن سقف زمني معين، علماً أنه يجب أن نتحرك بسرعة ولكن دون تسرع، وهذا ما يتحكم بتفكيرنا. فموضوع السلاح يُعالج عبر الحوار بين مختلف الاطراف في لبنان. فما قلته في خطاب القسم حول هذا الموضوع لم يكن شعاراً شعبياً، بل شعار اتخذ ليطبق. وإذا كنا نريد الحديث عن بنية الدولة، يجب أن نذكر امرين اساسيين، هما: حصر السلاح في يد الدولة، وأن يكون قرار السلم والحرب في يدها، وهذا ما نعمل لأجله الآن.
الضغوط والواقع اللبناني
وحول ما إذا كانت هناك ضغوط دولية على لبنان لتسريع إنهاء هذا الملف، رأى رئيس الجمهورية ان هذه الضغوطات موجودة، ولكن الواقع اللبناني يتحكم بالخطوات التي نقوم بها في هذا الملف. فنحن لا نريد الذهاب الى مواجهة داخلية. والحوار، كما قلت سابقاً، هو الطريق الوحيد الذي يحل معظم المشكلات وليس فقط ملف حصرية السلاح. ولنأخذ مثالاً على ذلك ما يقوم به الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، حيث نستطيع ان نعتبر ان 85% الى 90% من المنطقة اصبح نظيفاً والجيش لا يزال ينفذ مهامه في هذه المنطقة، باستثناء المنطقة التي لا تزال محتلة من قبل الجيش الاسرائيلي، ونحن في انتظار الانسحاب الاسرائيلي من هذه المناطق، كي يستكمل الجيش انتشاره على الحدود. وهذا هدف اساسي لنا، ولكن مقاربته تقتضي السرعة وليس التسرع.
وعن وجود مفاوضات بين لبنان والولايات المتحدة، لفت الرئيس عون الى ان هذه العلاقة لم تنقطع، وهناك تواصل دائم بين البلدين للضغط على اسرائيل للانسحاب، والولايات المتحدة هي مساعد اساسي للجيش اللبناني، وعضو في لجنة آلية مراقبة وقف اطلاق النار، وقد قامت نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بزيارات للبنان ونحن ننتظر زيارتها قريبا والهدف هو الوضع في الجنوب.
وعن ترحيب لبنان برفع العقوبات الاميركية عن سوريا، ومدى تأثير هذا القرار على الوضع الاقتصادي في لبنان، وعلى وضع النازحين السوريين، جدد الرئيس عون ترحيبه بهذه الخطوة، شاكراً الرئيس ترامب على قراره وثمّن دور الامير محمد بن سلمان في اقراره، ونحن نهنئ سوريا على ذلك، وكما يقولون "اذا جارك بخير انت بخير". فرفع العقوبات سينعش الاقتصاد السوري وبالتالي ينعكس ايجابا على لبنان، وما يهمنا بشكل اساسي هو موضوع عودة النازحين السوريين الى بلادهم. فهناك حوالي مليوني نازح، ورفع العقوبات من شأنه أن يفتح بابا لسوريا لإنعاش اقتصادها. وكما تعلمون هناك ترابط مع سوريا في موضوع الزراعة، والمواصلات والاتصالات. ولبنان يرتبط براً بالدول العربية من خلال سوريا وبالتالي إن هذه الخطوة جبارة ومقدرة، لها تبعات ايجابية على سوريا وعلى المنطقة. وكشف الرئيس عون ان أكبر نسبة نزوح سوري نسبة لعدد السكان، هو في لبنان.
ورأى أن الاسباب التي فرضت على السوريين النزوح من سوريا الى لبنان، قد ازيلت والحرب انتهت، وتغير النظام. فالسبب الامني اصبح غير موجود، والشق الاقتصادي الذي شكّل عائقاً للعودة الى سوريا، قد أزيل بقرار رفع العقوبات. وقال: "نحن نعمل مع الدولة السورية، بالتعاون مع المنظمات لمساعدة النازحين السوريين العودة الى بلادهم".
واوضح الرئيس عون ردا على سؤال ان رئيس الحكومة نواف سلام تطرق خلال زيارته الى سوريا على رأس وفد، الى مسألة ترسيم الحدود، "وهو الموضوع نفسه الذي تم بحثه خلال زيارتي الى فرنسا عبر اتصال هاتفي اجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس السوري. وحالياً تم تأمين الأرشيف المتعلق بالحدود وسيتم تسليمه الى وزارة الخارجية. وإننا بصدد تأليف لجنة من قبل الجهة السورية، لنقوم بالبدء بترسيم الحدود البحرية والبرية. "
الحدود اللبنانية – السورية تحت سيطرة الجيش
وشدد رئيس الجمهورية على ان الحدود اللبنانية-السورية هي بالكامل تحت سيطرة الجيش اللبناني. وهي حدود طويلة وصعبة، وبحاجة الى قوى وإمكانيات أكثر، لكنها بالكامل تحت سيطرة الجيش اللبناني. وقال: "قد تبقى هناك بعض الثغرات في مكان ما، فما من دولة في العالم قادرة على السيطرة على حدودها بنسبة مئة في المئة. فمصر، وعظمتها، وجيشها الذي يُشهد له، على سبيل المثال، غير قادر على أن يضبط الحدود مع ليبيا مئة في المئة. وكذلك الأمر مثلا بين الولايات المتحدة والمكسيك. لكن بإمكاننا القول ان حدودنا مع سوريا تحت سيطرة الجيش اللبناني. أما ما قبل العام 2010، فقد كانت الحدود اللبنانية خالية من أي وجود للدولة. الآن تختلف الأمور.
وعن إمكانية لقاء الرئيس السوري، أوضح الرئيس عون أن الأمر لم يبحث بعد، مذكرا باللقاءات التي سبق وجرت مع الجانب السوري، ومكررا ان الرئيس سلام زار على رأس وفد، الرئيس السوري، وتم البحث بموضوعين أساسيين: التنسيق الأمني على الحدود، وترسيم الحدود البحرية والبرية، إضافة الى مواضيع أخرى في مقدمها موضوع النزوح السوري.
وعن الزيارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية بهدف إعادة لبنان الى الحضن العربي، أشار الى ان الهدف الأول لهذه الزيارات تحقق وهو عودة لبنان الى العالم العربي "الذي لم نتركه أصلا، لكن المرحلة التي سبقت كانت شهدت نوعا من سوء الفهم والضبابية. وقد أزلناها، وطلبنا من الأشقاء العرب ان يعودوا الى لبنان. وطبيعي ان يطالبوننا أولا بالاستقرار الأمني والقيام بالإصلاحات الأساسية لكي يتم تشجيع المستثمرين للعودة. والحمد لله، لقد وجدنا تجاوبا كبيرا، والأمور ستعود الى السكة الصحيحة".
وردا على سؤال حول اذا ما كان سيتم رفع حظر عودة المسافرين الى لبنان، أجاب الرئيس عون ان قطر لم تضع يوما حظرا على المجيء الى لبنان. وهناك اتصالات بيننا وبين الجانب السعودي واتوقع قريبا رفع الحظر. وهناك بعض المتطلبات الأمنية التي نعمل عليها، ونأمل كل الخير. اما بالنسبة الى الكويت، فلم يكن هناك من حظر ابدا بل كان هناك نوع من التحذير من قبل وزارة الخارجية، وطلبنا منهم تشجيع عودة الكويتيين والمستثمرين الى لبنان، وهناك تجاوب كبير من قبلهم، وحتى أكثر مما كنا نتوقع.
وسئل عن تأثير أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران على لبنان، فأوضح الرئيس عون اننا نبارك مثل هذا الاتفاق، وهو سيسهل العلاقة مع ايران، واصفا هذه العلاقة بأنها علاقة ديبلوماسية جيدة. "وعلاقاتنا مع كل الدول قائمة على مبدأ الاحترام المتبادل، ومبدأ التعامل من دولة الى دولة، مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. وإذا ما وصلت المفاوضات الأميركية-الإيرانية الى خواتيم إيجابية، فما من شك انها ستنعكس إيجابا على لبنان، وتحديدا على العلاقة بين لبنان وإيران، وهي موجودة وطبيعية".
وأشار الرئيس عون الى انه استقبل الوفد الإيراني الذي حضر الى لبنان، ولدينا سفارة لبنانية في إيران وسفارة إيرانية في لبنان. وقال: "انا كنت واضحا ان العلاقة يجب ان تكون ندية، من دولة الى دولة، من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. انا لا أقبل بالتدخل في شؤون غيري، فلماذا اقبل بتدخل الغير في شؤوني الداخلية. وأي دولة تتعاطى مع دولة أخرى، وليس مع مجموعة معينة فيها. وعلى أي دولة تريد التعاطي معنا، ان تتعاطى مع كافة الأفرقاء".
المطلوب ان تنسحب اسرائيل
وسئل رئيس الجمهورية عما سيفعل لبنان تجاه الخروقات الإسرائيلية في الجنوب وبقائها في نقاط خمس فيه، فأشار الى ان هناك اتفاقاً حصل ووقَّع عليه الطرفان. وقد التزم لبنان بما وقع عليه، "لكن للأسف الطرف الآخر لم يتقيد به. وهناك اسرى لبنانيون لا يزالون في السجون الإٍسرائيلية، والضربات الجوية لا تزال قائمة". وإذ كرر ان الآلية الموضوعة للمراقبة تشمل الولايات المتحدة وفرنسا لمتابعة وقف إطلاق النار ومواكبة الجيش اللبناني في إخلاء منطقة جنوب الليطاني من أي تواجد مسلح ومخازن ذخيرة او أنفاق، فإنه كشف ان هناك إشادات بما يقوم به الجيش، "لكن الطرف الآخر لم يقم بواجباته. ونحن اتصالاتنا قائمة مع الولايات المتحدة وفرنسا، وحتى مع الطرف المصري ومع أي دولة لديها علاقات مع إسرائيل ويمكن ان تؤثر عليها في هذا الإطار لكي تقوم بتنفيذ ما تعهدت به والانسحاب فيتمكن الجيش اللبناني من مواصلة انتشاره في الجنوب".
وقال الرئيس عون ردا على سؤال ان المطلوب ان تنسحب إسرائيل من النقاط التي لا تزال فيها، لكي يواصل الجيش انتشاره في الجنوب. وهو قام بواجباته في منطقة جنوب الليطاني وسيقوم بواجباته، وقد سقط له شهداء في هذا الإطار. كما ان الجانب اللبناني وضع خططا وسلمها الى الأميركيين. وبالمقابل نحن نريد خطوات مماثلة من الجانب الإسرائيلي.
وأشار رئيس الجمهورية الى ان التعاون بين الجيش وقوات اليونيفيل قائم وعلى أعلى المستويات، كما ان الجيش يقوم حاليا بتعزيز عديده في الجنوب الذي هو منطقة كبيرة وواسعة. والحكومة وافقت على تطويع نحو 4500 عنصر إضافي، كما اننا نطلب معدات تساعد على الانتشار أيضا. "لكن يمكنني القول إن الجيش قام بتنظيف المنطقة جنوب الليطاني من 85% الى 90%، بالتعاون مع اليونيفيل. وتبقى المناطق القريبة من النقاط الخمس التي لا تزال محتلة، الجيش يقوم بواجباته فيها تباعا، وهو بانتظار الانسحاب الاسرائيلي لكي يستكمل انتشاره حتى الحدود. في هذه المنطقة لا يوجد سوى الجيش وقوات اليونيفيل ولا أحد آخر"، مكررا ان النقاط الخمس المحتلة لا تزال تمنع انتشار الجيش على طول الحدود الجنوبية.
وعما إذا كان يشعر ان الولايات المتحدة الأميركية تسعى الى ان يكون التفاوض مباشرا بين لبنان وإسرائيل، أجاب الرئيس عون: "لم أسمع هذا الكلام ابدا. وهو غير موجود. الأساس بالنسبة إلينا هو اتفاقية الهدنة. ونحن نسعى الى حالة لا حرب على الحدود مع إسرائيل. لقد طُلب منا تفاوضا غير مباشر، وهذا أمر طبيعي، كما حصل بالنسبة الى الحدود البحرية، حيث كان التفاوض غير مباشر، وراعي الاتفاق هو الجانب الأميركي".
وعن الوضع شمال الليطاني، أوضح الرئيس عون ان هناك عبئا بالعديد والعتاد ملقى على عاتق الجيش اللبناني في إنتشاره على كافة الأراضي اللبنانية، سواء في الداخل ام على الحدود، او لجهة مكافحة المخدرات والإرهاب وغيرها. "ولكن أي مخزن سلاح يصادفه، فإنه تتم معالجته بالسرعة اللازمة، والمثال مخيمات التدريب الفلسطينية خارج المخيمات، ثلاث منها في البقاع وواحد في جنوب بيروت وإثنان في الشمال. فلقد تمت مصادرة الأسلحة وتم تدمير كافة المنشآت. وفي جدرا وجدنا مخزنا منذ بعض الوقت، وفي منطقة يحمر دخل الجيش الى المنشآت الموجودة. ولكن التركيز يبقى على منطقة جنوب الليطاني لأن الإمكانات الهندسية التي تتعاطى مع الذخيرة أكثريتها في الجنوب".
وعما اذا كان سيطلب من مصر مساعدات عسكرية لجهة التدريب وغيره، اكد انه سيفعل ذلك، وسيبحث هذا الملف مع الرئيس السيسي لتعزيز الجيش خصوصا في العتاد الهندسي المتعلق بالتعاطي مع المتفجرات والانفاق، واي مساعدة من مصر ستكون موضع تقدير من قبلنا. وأضاف ان المؤسسة العسكرية تتحمل اليوم ايضاً عبء الحد من تهريب المخدرات، مشيرا الى ان الجيش شن حملة واسعة قبل 3 سنوات على أماكن تصنيع المخدرات، وتمكن من تدمير نحو 90% من منشآتها، ومنذ أسبوع تقريبا نجح الجيش بتدمير مصنع ضخم للمخدرات على الحدود اللبنانية-السورية. واكد ان ملف مكافحة صناعة المخدرات سيظل موضع متابعة حثيثة، بالتوازي مع عملية ضبط الحدود وتنفيذ انتشار الجيش في جنوب الليطاني وحفظ الأمن في الداخل اللبناني. وقال: "العبء كبير على المؤسسة العسكرية، لكن الجيش يقوم بواجباته كاملة".
العلاقة مع حزب الله
وسئل عن علاقته بحزب الله، فأوضح أن حزب الله موجود في البرلمان ويمثل شريحة من اللبنانيين، وعلاقته مع حزب الله موجودة ولكن بطريقة غير مباشرة. وأضاف: "كرئيس للجمهورية يجب ان تكون لي علاقات مع جميع اللبنانيين، ولكن خصوصية الوضع الأمني لحزب الله، لا تسمح لمسؤوليه بالتحرك، لذلك هناك رسائل بيننا من خلال اشخاص معينين".
وعما اذا كان حزب الله يقبل ان يصبح مكونا من المكونات اللبنانية دون مقاومة وسلاح، قال: "أتصور ليس لديهم خيار آخر. هم موجودون ويمثلون شريحة لبنانية، ومن حقهم ان يشاركوا في المعترك السياسي، ولكن حصرية السلاح يجب ان تكون بيد الدولة، وكذلك قرار السلم والحرب. يجب ان يقتنعوا ان الدولة هي التي تحمي الجميع، ووحدة اللبنانيين تحميهم". وأضاف ان حصرية السلاح تنطبق ايضاً على السلاح غير اللبناني، أي السلاح الفلسطيني في المخيمات، متسائلاً: هل يستطيع هذا السلاح ان يحرر فلسطين، ام انه يستعمل فقط للتقاتل الفلسطيني-الفلسطيني او الفلسطيني-اللبناني؟ واكد على ان الشعب الفلسطيني تعب من هذا الموضوع، وكذلك الشعب اللبناني، وانه ينتظر زيارة الرئيس الفلسطيني الى لبنان للبحث في هذا الموضوع، حيث سيتم التركيز في المرحلة الأولى على معالجة مسألة السلاح الثقيل في المخيمات، وسأل: "ماذا قدم السلاح الفلسطيني في لبنان من اجل تحرير فلسطين؟".
وسئل عن التدابير التي ستتخذها الدولة لضمان عدم استخدام الأراضي اللبنانية لأغراض تمس الامن اللبناني، أوضح انه تم توقيف الأشخاص المسؤولين عن اطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وتم تحذيرهم من امكان ترحيلهم من لبنان، ومنعهم من العودة اليه. نحن جديون وواضحون جداً في هذا الموضوع، والساحة اللبنانية لن تكون مفتوحة بعد اليوم لأي كان.
وعن مواقف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم التصعيدية في ما خص سلاح حزب الله، اكد الرئيس عون انه يقوم بارسال رسائل الى حزب الله، وربما ما يخرج الى الاعلام من قبلهم موجه الى جمهورهم، ولكن بالنسبة لي القرار قد اتخذ، "وفي المطلق لا يحمينا الا الدولة اللبنانية، ويجب ان يقتنعوا بذلك، وفي تقديري، لقد بدأوا يقتنعوا". وأضاف ان قرار الحرب والسلم يجب ان يكون بيد الدولة، واذا حصلت أي مواجهة مع إسرائيل يجب ان تتحمل الدولة مسؤوليتها والجيش اللبناني، واكد ان وجود السلاح خارج الدولة يعني ان الدولة غير موجودة، فالاساس ببناء الدولة هو حصرية السلاح بيد الدولة، وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة.
وعن اختفاء مظاهر الصور غير اللبنانية عن طريق المطار، اعتبر الرئيس عون ان هذا مؤشر إيجابي من قبل حزب الله.
وعن اختلاط مشاعر الامل والقلق لدى اللبنانيين، قال الرئيس عون ان ما مر على اللبنانيين خلال السنوات الخمسين الماضية، يجعلهم حذرين، ولكن في فترة مئة يوم فقط من عمر الحكومة، تم تحقيق الكثير من الخطوات، من التعيينات الأمنية، وتعيين حاكم مصرف لبنان، والتعيينات القضائية التي باتت جاهزة تقريبا، وإقرار قانون سرية المصارف، ويجري البحث اليوم في مجلس النواب بقانون اصلاح المصارف، وقريبا سنبت بقانون الفجوة المالية. المطلوب من اللبنانيين اليوم المزيد من الصبر والايمان بدولتهم، وليس هناك عصا سحرية. اذا نظرنا اليوم الى بعض المؤشرات الاقتصادية والسياحية والتنموية، نجد هناك تغيير ملحوظ في الأشهر الأخيرة. ولا ننسى أهمية انفتاح دولى الخليج العربي على لبنان. وقال:" نحن مصممون على بناء الدولة، ونسير في هذا الاتجاه، وقد وضعت الأمور على السكة الصحيحة"، معتبرا ان التناغم بينه وبين رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب أكثر من مميز، والاولوية اليوم لاعادة بناء الثقة بين الشعب والدولة، وبين لبنان والعالم الخارجي.
إعادة الاعمار والاصلاح
وسئل عن طريقة تعامل الدولة اللبنانية مع ملف إعادة اعمار الجنوب، فأوضح ان الوضع صعب جداً، وستحصل اتفاقية مع البنك الدولي لتمويل البنى التحتية، وقد أجريت دراسة للاضرار التي حصلت، وهي ثقيلة جداً، ان كان في المنازل والممتلكات او في البنى التحتية. ومن واجبات الدولة إعادة اعمار ما تهدم، ونحن نسعى لجلب مساعدات من الخارج، وتحفيز الاستثمار لنتمكن من انجاز إعادة الاعمار. نحن نعمل على ذلك، وهناك لجنة حكومية تواكب هذا الملف.
سئل عن طريقة تعامله مع مقاومة الإصلاح وخصوصا ان هناك ملفات متجذرة منذ سنوات، فاعتبر انه ليس لدينا خيار الا تنفيذ الإصلاحات، ولا شيء مستحيل، فالامن والقضاء يسيران جنبا الى جنب، لذلك يتم العمل الآن على التشكيلات القضائية لوضع الأشخاص المناسبين في المكان المناسب.
وعما اذا كان ذلك يعني ان اللبنانيين سيعرفون يوماً من فجر مرفأ بيروت، أجاب: التحقيقات تسير، وقاضي التحقيق يجري استجواباته بدون أي إشكالات، وهنا أتوجه لأي جهة خارجية لديها معطيات تفيدنا في هذا الملف، بأن تقدمها لنا. نريد ان نعرف الحقيقة وما هي الأسباب والخلفيات لاقفال الملف رأفة بالضحايا وأهل الضحايا". وأوضح انه معني شخصيا بكشف الحقيقة لأن هناك عسكريين قد قتلوا في الانفجار، وكادت حياة نجله ان تتعرض للخطر من جراء الانفجار. وبمعزل عن ذلك، كرئيس للجمهورية، عليه ان يلاحق هذا الملف الى النهاية، متوقعاً ان تصل التحقيقات القضائية الى الكشف عن سبب الانفجار.
وعلى صعيد آخر، اكد ان المساعدات ستأتي الى لبنان، ونحن لا نريد هبات بل استثمارات، متوقعاً ان يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل الخريف المقبل، وهذا مؤشر إيجابي جداً.
سئل عما اذا كان قد تفاجأ ببعض الملفات بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، فأوضح ان هناك تشابك في الكثير من الملفات من الازمة المالية والاقتصادية، والفساد، والاهتراء في الدولة، وشغور الكثير من المراكز في الدولة، وكان ذلك بمثابة صدمة بالنسبة له، ولم يكن مطلعا على حجم هذه الملفات ومدى سوئها.
واضاف ان الإرادة موجودة لمعالجة كل هذه الملفات وإعادة بناء الدولة، وان اصعب التحديات التي يواجهها اليوم هي إعادة الثقة بين الشعب والدولة، وبين الدولة والخارج، بالإضافة الى الوضع الأمني في الجنوب، مشيرا الى ان أولوياته هي ضبط الامن في الداخل وعلى الحدود، بناء الدولة، واصلاح الوضع الاقتصادي لجذب الاستثمارات.
وعما اذا كان صعبا بالنسبة اليه خلع البدلة العسكرية وارتداء البدلة المدنية بعد 41 سنة قضاها في المؤسسة العسكرية، أوضح ان ذلك كان صعبا بالفعل بالنسبة اليه، وانه آت من مدرسة تقوم على النظام والانضباط والقرارات السريعة، الى مدرسة تختلف كثيرا في مقاربة المواضيع. وقال:"شخصيتي لم تتغير، ولكن مقاربتي للمواضيع والمواضيع السياسية اختلفت".
وسئل عن ردة فعله عندما بدأ بالاطلاع على كونه مرشحاً لرئاسة الجمهورية، فأجاب انه تهيب الموضوع في البداية، لكنه القرار القيام بواجباته مهما كانت الظروف، لأن مركز رئاسة الجمهورية ليس امتيازاً بل هو مسؤولية، وهو ليس هدفا بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق رؤية معينة، وهي رؤية إعادة بناء الدولة.
وعن رسالته الأخيرة الى اللبنانيين والعرب والعالم الخارجي، قال:" اللبناني لديه إرادة صلبة وهو خلاق ومبدع، ولولا الإرادة الصلبة للبنانيين وقدرتهم على التأقلم مع الواقع، لما بقي لبنان. ولكن الجانب السلبي في ذلك هو الاعتياد على الأخطاء والوضع الشاذ. واجباتنا اليوم ان نبني لبنان الجديد. اما بالنسبة الى العرب فأقول لهم لبنان ليس بلدكم الثاني بل هو بلدكم الموازي لبلدكم الام. اللبنانيون يحبونكم، ولبنان آمن، تعالوا اليه، واهلا بكم. علينا جميعا ان نفكر بالمصلحة العربية المشتركة، لنكون أقوياء، لذلك يجب ان نكون معاً لنفكر بعروبة المستقبل."