Skip Ribbon Commands Skip to main content
Sign In
السبت,27 نيسان, 2024
رئيس الجمهورية يحضر قداسا على نية لبنان في كنيسة مار مارون في روما
رئيس الجمهورية يحضر قداسا على نية لبنان في كنيسة مار مارون في روما
16/03/2017

 

روما                                                                                     الرسالة الرابعة

رئيس الجمهورية يحضر قداسا على نية لبنان في كنيسة مار مارون في روما
المطران عيد: "وحدكم تستطيعون إخراج لبنان من "تناقض الصورتين": بلد الثقافة وبلد الاقطاع، بلد التعدّد وبلد التفرّد، بلد الهجرة وموطن المهّجرين، معقل الطوائف وموئل الطائفية"
---------------------------------
 اعتبر المعتمد البطريركي الماروني لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الحبري الماروني في روما
المطران فرنسوا عيد “أنّ الحرية الحقّة هي رغيف لبنان الازلي، لكنّها مسؤولية تمنع المكوّناتِ الوطنيةَ من قضم كينونة ووجود الآخرين، وهي مسؤولية أمام الوطن وأبنائه لضمان البقاء المتكافئ والعادل بين عائلاته في تعددية الفكر والانتماء، ولتؤسسَ لملتقياتِ الجماعات على قيم المواطنية الحقّة، بنسج علاقاتِ المحبة والودِّ والتفاهم، فلا فوقيَة لأحد على أحد، ولا منّة لأحدٍ على أحد في وجوده.”
 ورأى عيد انطلاقا من هنا "ان الله أراد العماد ميشال عون رئيساً، وفي هذا الظرف بالذات، ووضع على عاتقِه مسؤولياتٍ جسامَ" و"وهبَه كثيراً من عطايا الحكمة والإباء والصدق والشرف والتضحية والوفاء، ليخلّص لبنان من خلاله ومن خلال الخيّرين الذين أحبّوا هذه الأرض وضحّوا لأجلها بكل غالٍ"، مشددا على "ان عملية تخليص لبنان يلزمها بطولة وتجرّد وتعالٍ."
واكد على ان رئيس الجمهورية "وحده يستطيع إخراج لبنان من "تناقض الصورتين": "بلد الثقافة وبلد الاقطاع، بلد التعدّد وبلد التفرّد، بلد الهجرة وموطن المهّجرين، معقل الطوائف وموئل الطائفية"، داعيا الى ان نبني الانسانَ، وبقدر ما نبني الانسان نبني لبنان! وبقدر ما نبني الانسان على الخير والحق والحرية، نبني صورة الله فيه."
 من جهته، رأى رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري "ان انتخاب الرئيس عون اعاد الامل الى كافة شرائح الشعب اللبناني، بعودة الانتظام الى المسيرة الطبيعية للمؤسسات، وايضا الى حركة دبلوماسية ناشطة لم يتخلّف الرئيس عون عن اطلاقها، فور انتخابه، مع الدول القريبة." 
كلام الكاردينال ساندري والمطران عيد جاء في خلال القداس الذي اقامته مساء اليوم الوكالة البطريركية المارونية في روما على نية لبنان في كنيسة مار مارون التابعة للمدرسة المارونية في العاصمة الايطالية. 
 
القداس
وكان الرئيس عون وصل واللبنانية الاولى السيدة ناديا عون الى مقر المدرسة المارونية في روما، قرابة السادسة مساء، حيث كان في استقباله عند مدخل الكنيسة المعتمد البطريركي ورئيس المعهد الحبري الماروني المطران فرنسوا عيد ونائبه كاهن رعية مار مارون المونسنيور انطوان جبران.
ودخل الرئيس عون واللبنانية الاولى من المدخل الرئيسي للكنيسة وسط تصفيق الحضور من رسميين وابناء الجالية اللبنانية فحياهم. وبدأ بعدها القداس حسب الطقس الماروني باللغات العربية والسريانية والايطالية.
واحتفل بالقداس، الذي خدمته جوقة الكنيسة، المطران عيد والمونسنيور جبران والى جانبهما الاساقفة والكهنة ومسؤولي الرهبانيات اللبنانية المعتمدين في روما، والكاردينال ساندري والكاردينال جان-لوي توران رئيس المجلس الحبري للحوار بين الاديان، والكاردينال مامبرتي رئيس محكمة التوقيع العليا والكاردينال بيل رئيس ادارة الشؤون الاقتصادية لدى الكرسي الرسولي.
وحضر القداس عائلة الرئيس عون: السيدة ميراي عون الهاشم، السيدة كلودين عون روكز وزوجها العميد المتقاعد شامل روكز، والسيدة شانتال عون باسيل وزوجها وزير الخارجية والمغتربين الوزير جبران باسيل، والوفد اللبناني المرافق لرئيس الجمهورية، القائم بأعمال السفارة اللبنانية لدى الفاتيكان البير سماحه وعقيلته، القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ايطاليا كريم خليل وعقيلته، واركان السفارتين، وشخصيات سياسية وديبلوماسية من سفراء وقائمين بالاعمال معتمدين لدى الكرسي الرسولي وايطاليا، ورئيس اركان القوى العسكرية الايطالية الجنرال كلاوديو غراتسيانو الذي كان قائدا لقوات ال"يونيفيل" العاملة في جنوب لبنان بين العامين 2007 و2010 وحشد من المؤمنين من ابناء الجالية اللبنانية في روما.

العظة
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، القى المطران عيد العظة التالية:
"يسرّنا يا صاحب الفخامة أن نستقبلكم اليوم في هذا الصرح الماروني العريق، باسم سيّد الدار غبطة أبينا السيد البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، الذي حمّلني لفخامتكم وللعائلة، ولصحبكم الكريم سلامَه ودعاءَه بزيارة فاتيكانية ناجحة، تحمل الخير والسلام لوطننا الحبيب لبنان.

فخامة الرئيس،
لقد بدأ مجيء الموارنة للدراسة في روما سنة 1470؛ وعام 1584 أسّس البابا غريغوريوس الثالث عشر المدرسة المارونية "الاولى" "لتثقيف الموارنة بالعلوم الصالحة وتربيتهم على التعليم السليم والفضائل المسيحية لينشروا عبير التقوى وتعاليم الكنيسة المقدسة على أرز لبنان وعلى طائفتهم وبلدانهم". هذا ما جاء في براءة التأسيس.
وبالفعل خرّجت المدرسة الاولى : 9 بطاركة موارنة، أول بطريرك سرياني كاثوليكي (أندراوس أخيجيان)، 25 أسقفاً وأكثر من 280 طالباً. كما وخرجت المدرسة الحالية التي تأسست سنة 1890: بطريركين وكردينالين، 7 أساقفة، 21 خورأسقف، وأكثر من 160 متخرّجا، ورعيلاً من العلماء الذين ملأوا المكتبات بمؤلفاتهم، فتميّزوا في أوروبا والشرق، لذلك تنافس على استمالتهم ملوك اوروبا وامراؤها، فاتخذوهم مترجمين لهم وسفراء وامناء لمكتباتهم. فشاع بفضلهم في روما قول مأثور: "عالم كماروني"Dotto come un Maronità وحتى اليوم تحتفظ مدينة روما: بشارع الموارنة Via dei Maroniti ( قرب فونتانا دي  تريفي)، وزاروب الموارنة Vicolo dei Maroniti ، وشارع المطبعة (أي المطبعة المارونية) via della stamparia، وشارع   لويس السمعاني.
هؤلاء كانوا نيرات المارونية: في الغرب: علّموا في College de France وطبعوا الكتاب المقدسla polyglotte ب 6 لغات، واستلموا ادارة المكتبة الفاتيكانية ومكتبة الاسكوريالي باسبانيا ومكتبة ومطبعة آل مديشي في فلورنسا كما  وعملوا في المكتبة الامبروزية بميلانو. لذا قال فيهم المستشرق الإيطالي غابريللي: "إن الموارنة هم تراجمة البشرية...إنهم يشّكلون الخط الحضاري الذي يصل الشرق بالغرب".
أما في لبنان والشرق، فكان موجّهَهم البطريرك الدويهي، العالمِ والقديس وتلميذُ مدرسة روما، لذا أمرهم بالعودة الى لبنان وبلدانهم بقوله: "إنّ الربّ انتخبكم لتزّينوا نفوسكم بالصالحات وتفيدوا قريبكم بعلمكم لأن (أبناء) الشرق  مفتقرون لمن يعلّمهم ويهذّبهم".
هكذا ولدت مدارس المارونية : مدرسة حوقا (يوحنا مخلوف) 1624 ومدرسة حلب (الدويهي) 1666 ومدرسة عين ورقة (يوسف اسطفان) 1789 ومعهد الحكمة (المطران يوسف الدبس) 1875 كما وأسّست رهبانيتُنا في ال 40 سنة الاولى لوجودها 16 مدرسة: 12 في القرى المسيحية، 1 للدروز في دار الحكم (دير القمر)، 3 للمسلمين في الولايات ( طرابلس – صيدا – عكا). وهكذا دخل العلم والنور الى الشرق بفضل تلامذة المدرسة المارونية الذين تجرأوا في ثلاث – كما يقول الاب ميشال حايك:
1- تجرأوا بالذهاب لملاقاة ايمان الكنيسة الجامعة في روما (الايمان)
2- تجرأوا بالذهاب لملاقاة الثقافة الشاملة وعلوم الغرب (المعرفة)
3- تجرأوا بالذهاب لملاقاة الاسلام بروح الحوار فكان لبنان الرسالة.
فسبقوا بذلك الثورة الفرنسية ب 53 سنة في إلزامية التعليم ومجانيّته وفي تعليم المرأة الذي أقرّه  المجمع اللبناني في دير سيدة اللويزة سنة 1736.
 وهكذا وضع الموارنة حجر الاساس لبناء أعظم إنجازين، هما:
- تأسيس لبنان الوطنَ الحرَ والسيد،  حيث لقاء المسيحية والاسلام،
- والنهضةَ العربية التي انطلقت من أفكار رواده. 
أما اليوم، وأنت أدرى منّا جميعاً يا فخامة الرئيس، ننظربأسى الى أي دركٍ انحدرنا بلبنان. لبنان القيمة الانسانية الفريدة: أوليس الوطن للانسان؟ بينما هو عندنا لبعض الناس؟ أوليست الارض للانسان؟ بينما هي عندنا للمحتكر والجشع؟ لقد جعل  اللبناني الله شاهدَ زورٍ يبرّر به انحرافاتِه:
- باسم طائفته... بل مذهبه،
- وباسم الدولة ... ليجعلها مزرعة له،
- جعل الطبيعة مزبلة سمومٍ ألقى في حنايا وديانها المرضَ والموت؛
هذا اللبناني يثور على الدولة وهو يهدمها كلّ يوم.
 مسكين هذا الوطن بإنسانه: إن فرح استبد به البطر، وإن حزن تمزّق وقلق وأقلق، إن بنى خالف وشوّه،
وإن هدم بلغ حدود العبثية، بإذيةِ نفسه والآخرين.
مسكين هذا الوطن بإنسانه!
اللبنانيون يدّعون الاخوّة وهم دوماً متناحرون، يدّعون المواطنية الصالحة، وكلّ واحد في وطن نفسه.
لا يذكر التاريخ شعباً غنّى وطنه أكثر من اللبناني، كما ولا يذكر التاريخ شعباً هدم وطنه كما فعل اللبناني.
اللبنانيون متحزّبون بلا مبادئ، وتحزبهم تزلمٌ بلا وعيٍ، وعالمهم غريب، تجد فيه اللهَ والشيطانَ والانسانَ، العدوَ والصديق.
 والمشكلةُ انّهم لا ينتمون: فلا انتماء لله، ولا انتماء للوطن، ولا انتماء للعائلة، ولا انتماء للمجتمع. كلّ ينتمي الى ذاته! هل هكذا ربيّنا يا فخامة الرئيس، في مدارسنا وجامعاتنا وعائلاتنا؟ لست أعلم!!
لكنّني أعلم انّ الله أرادك رئيساً، وفي هذا الظرف بالذات، ووضع على عاتقِك مسؤولياتٍ جسامَ.
وأعلم أكثر أنّ الله وهبَك كثيراً من عطايا الحكمة والإباء والصدق والشرف والتضحية والوفاء، ليخلّص لبنان من خلالك ومن خلال الخيّرين الذين أحبّوا هذه الأرض وضحّوا لأجلها بكل غالٍ. فعملية تخليص لبنان يلزمها بطولة وتجرّد وتعالٍ.
أنت وحدك يا فخامة الرئيس تستطيع إخراج لبنان من "تناقض الصورتين" كما يسمّيها كاتب لبناني: "بلد الثقافة وبلد الاقطاع، بلد التعدّد وبلد التفرّد، بلد الهجرة وموطن المهّجرين، معقل الطوائف وموئل الطائفية". هذا الخليط العجيب من المكوّنات الهجينة جعل لبنان دوماً، يبحث عن نفسه ويسعى الى مرتجاه لكن ربما بالرجال الخطأ، لأنهم كانوا نعمته ونقمته في آن.
أنت تعلم يا فخامة الرئيس أنّ الحرية الحقّة هي رغيف لبنان الازلي، لكنّها مسؤولية تمنع المكوّناتِ الوطنيةَ من قضم كينونة ووجود الآخرين... وهي مسؤولية أمام الوطن وأبنائه لضمان البقاء المتكافئ والعادل بين عائلاته في تعددية الفكر والانتماء، ولتؤسسَ لملتقياتِ الجماعات على قيم المواطنية الحقّة، بنسج علاقاتِ المحبة والودِّ والتفاهم، فلا فوقيَة لأحد على أحد، ولا منّة لأحدٍ على أحد في وجوده. فإرنست رينان يحدّد مفهوم الأمّة، فيقول بانّها "لا تقوم على الوحدة اللغوية، ولا على وحدة الايمان، ولا على الوحدة الجغرافية والتاريخ المشترك بل تقوم فقط على ارادة العيش سوياً".
فهل عائلاتُ لبنان تريد حقاً أن تعيش سوياً ؟
فلنبنِ الانسانَ، إذاً ... وبقدر ما نبني الانسان نبني لبنان! وبقدر ما نبني الانسان على الخير والحق والحرية، نبني صورة الله فيه. فالانسان لا قيمة كبيرة له في انتسابه الى عائلة أو طائفة أو قومية أو ديانة. قيمة الانسان الجوهرية هي في "كرامة وجوده الحرّ الواعي المريد المسؤول". 
مهمتك شاقة شاقة يا فخامة الرئيس ! وخلاص لبنان يستدعي المصلوبية اليوم; لكني أعرف كم يعتمر قلبك من حبٍ كبير لهذا الوطن... هذا الحب - كما يقول جبران- سيكللّك ويصلبك!
نحن سنصلّي لاجلك ومعك  هذا المساء، كي يعضدك الرب في رسالتك من أجل قيامة لبنان، فتشرقَ  أنوارُه الجديدة مع قيامة الرب الآتية في ربيع دائم من السلام والبحبوحة والخير."

كلمة الكاردينال ساندري
وفي ختام القداس، القى الكاردينال ساندري، كلمة جاء فيها: "بعد مرحلة انتظار طويلة، غلّفها الاسى احيانا، يسرني انا ونيلفة الكاردينال جان-لوي توران، ان نحيي في شخصكم الرئيس الجديد للبنان، الذي اتى الى روما في اول زيارة له الى ألاب الاقدس البابا فرنسيس، توطيدا لتقليد عريق معتمد في بلادكم الحبيبة.
ان انتخابكم اعاد الامل الى كافة شرائح الشعب اللبناني، بعودة الانتظام الى المسيرة الطبيعية للمؤسسات، وايضا الى حركة دبلوماسية ناشطة لم تتخلّفوا عن اطلاقها، فور انتخابكم، مع الدول القريبة.
في هذا الشرق-الاوسط، المتفجر بالحروب التي تدمي سوريا والعراق، يعاني لبنان حاليا من نزيف هجرة قاسية لا يحد منها الا سلام عادل ومتوازن، او على الاقل سلام يؤدي الى تخفيف حدة التوتر في المنطقة.
ان هذا "الحياد الايجابي" الذي ترغبون في توطيده وسط الدول المحيطة بكم من شأنه ان يولّد هذا السلام المنشود، ويحفظ الوحدة الداخلية في لبنان ويوطّد هويته ك"وطن-رسالة" كما وصفه قديسنا البابا يوحنا-بولس الثاني في رسالته الرسولية "حول الوضع في لبنان" الصادرة في 7 ايلول 1989، والتي جاء فيها: "ان لبنان هو اكثر من وطن: انه رسالة حرية ومثال للتعددية للشرق كما للغرب!"
وانني اوكل الى سيدة لبنان، بلادكم الحبيبة وكل فرد من ابنائها، طالبا شفاعة القديس شربل وقديسي لبنان ليشفعوا بكم امام الرب الهنا الرحيم ليعينكم في مهمتكم التي قوامها الاساس كلمة واحدة: سلام!"
 
هدايا تذكارية
بعد ذلك، قدم المطران عيد والمونسنيور جبران والكاردينال ساندري الى الرئيس عون تمثالا مصغّرا لتمثال القديس مارون شفيع الطائفة المارونية، الذي كان باركه البابا بينيديكتوس السادس عشر، والموضوع على الحائط الخارجي لبازيليك القديس بطرس في الفاتيكان. ويحتوي هذا التمثال المصغّر على ذخيرة فريدة من هامة القديس مارون، بينما قدّم رئيس الجمهورية للكنيسة ايقونة ثلاثية الابعاد للقديس مارون.